يقول السائل: ما حكم الاشتراط في الحج، وما فائدته؟ وهل تشترط إن لم تخشَ الحيض؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن الاشتراط في الحج مستحب على أصح قولي أهل العلم، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير، فقالت :يا رسول الله إني عند الحج وأنا شاكية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني».
هذا الحديث دليل على أن الاشتراط يستحب في الحج، وهذا هو قول الشافعي وأحمد وذهب إليه جماهير الصحابة، فقد صح هذا عن عمر وعن علي وعائشة وجماعة من الصحابة، كما صح ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.
أما من قال: إن الاشتراط إنما يستحب من الخشية على نفسه دون غيره، هذا قول فيه نظر، وهو خلاف قول العلماء الأوائل.
بل هو قول مركب محدَث على خلاف قول العلماء الأوائل فإن الأقوال في هذه المسألة قولان، وهو قول الصحابة، وقول أئمة المذاهب الأربعة، إما أنه لا يصح الاشتراط، أو أن الاشتراط مستحب، أما التفصيل هذا فلم أره في كلام العلماء الأوائل.
لذا؛ الأظهر أن الاشتراط مستحب مطلقًا لحديث عائشة في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنها.
فإن قيل: إن ضباعة قالت: إني شاكية، فيحمل هذا على الشاكي؟
فيقال: هذا الأمر وإن كان في ظاهره قوي، لكن العلماء لم يفهموه، لا الصحابة ولا من بعدهم من العلماء، ومن العلماء إلى أئمة المذاهب الأربعة. فإذا كان كذلك فلا يصح لنا أن نخرج بقول ليس عليه العلماء الأولون.
وقول السائل: هل تشترط من تخشى الحيض؟
الذي رأيت في كلام العلماء أن من تخشى على نفسها الحيض لا تشترط؛ لأن الحيض ليس مرضًا حتى يشترط منه، هذا الذي رأيته في كلام الفقهاء الماضين.
بل إن الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، والمرأة التي لا تحيض هي التي خالفت الأصل، وهي المريضة، إذا لم تحض وهي في سن حيض، فلذلك لا يقال بصحة الاشتراط لأجل الحيض.
ليس الحيض مرضًا حتى يشترط منه أو يتحلل لأجله، أي: يتحلل من اشترط لأجله.
أما قول السائل: ما فائدة الاشتراط؟
فيقال: فائدة الاشتراط أن من وُجِد ما يجوز له التحلل؛ فإنه إن لم يكن مشترطًا بأن أحصر، فإنه يكون عليه دم، كما قال سبحانه: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] ثم بعد ذلك يحلق رأسه، ثم يحج بالقابل أو يعتمر.
أما من اشترط فإن أمثال هذه الأمور لا تجب عليه، بل تسقط عنه، وهذه فائدة عظيمة للاشتراط.