يقول السائل: ما حكم من يقول إنه ثبت إطلاق اسم الكافر أو المشرك المتحقق على فاعله قبل بلوغ الحجة الرسالية؟ ويستدل بقوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة﴾ حيث سماهم الله تعالى كفارًا ومشركين قبل مجيء البيِّنة، فهل هذا القول يصح عن أهل السنة أم لابد من إقامة الحجة حتى يُوصف بالشرك والكفر؟
الجواب:
إن هناك فرقًا بين حالتين:
الحالة الأولى: الكافر الأصلي من اليهود والنصارى والمشركين الذين لم يدخلوا في الإسلام، فمثل هؤلاء الأصل كفرهم وعدم إسلامهم ولا يُنتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، فلذلك يُقال كافر ولو كان جاهلًا لأنه على أصله وعلى ما استُوقن منه، كما قال تعالى: ﴿وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله﴾ سماه مشركًا قبل أن يسمع كلام الله، وكالآية التي ذكرها السائل.
الحال الثانية: مسلمٌ تلبَّس بالشرك أو الكفر، فإن مثل هذا المسلم لا يُكفَّر إلا بعد توافر الشروط وانتفاء الموانع، وقبل أن تتوافر الشروط وتنتفي الموانع لا يُكفَّر، لأنه معذور بأحد هذه الموانع، إما الإكراه أو الجهل، إلى غير ذلك من الموانع.
فالمقصود أن من المهم للغاية أن يُفرَّق بين هذين الأمرين، بين المسلم الذي عرض له الكفر أو الشرك والأصل إسلامه واليقين أنه مسلم، واليقين لا يزول إلا بيقين مثله، وبين من كان كافرًا ولو كان جاهلًا، فإنه كافر على اليقين والأصل وهو الكفر، فإذن لابد من التفريق بين هذين الأمرين.
وفي ظني من انتبه للفرق بين هذين الأمرين انجلت عنده كثير من الإشكالات في مسألة العذر بالجهل للمسلم الذي تلبَّس بالكفر أو الشرك جهلًا، أو لغير ذلك من الموانع.