يقول السائل: ما ضابط الاعتداء في الدعاء؟ وهل له صور محصورة؟ مع ذكر المراجع إذا تفضَّلتم.
يقال جوابًا عن هذا السؤال: إن الاعتداء في الدعاء منهي عنه، كما قال سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55].
وقد بيَّن العلماء الاعتداء في الدعاء، وممَّن بيَّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في “مجموع الفتاوى” وفي كتابه “الاستقامة”، وفي “الفتاوى الكبرى”، وفي كتابه “الرد على البكري”، وبيَّنه شُرَّاح الأحاديث كالحافظ ابن حجر في “شرحه على البخاري”، والعيني، والمناوي في “فيض القدير”، وغيرهم من أهل العلم.
ومما بيَّن شيخ الإسلام-رحمه الله تعالى- أن الاعتداء يكون في الدعاء، أي: الطلب، وفي المطلوب، فمن طلب شيئًا يستحيل أن يكون؛ فإن هذا من الاعتداء في الدعاء، ومن طلب شيئًا خاصًّا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أو خاصًّا كذلك بالأنبياء، فهذا من الاعتداء في الدعاء.
أما في الطلب نفسه بأن يدعو بطريقة غير شرعية بأن يصرخ بالدعاء وغير ذلك.
فمثل هذا هو اعتداء في الدعاء، وقد ذكر ابن تيمية أنه يكون في الدعاء نفسه وفي المطلوب، كما بيَّن ذلك-رحمه الله تعالى- في “الفتاوى الكبرى”، وممن ذكر هذا الحافظ ابن حجر في “شرحه على البخاري”.
وظاهر كلام الحافظ-رحمه الله تعالى- أن كل دعاء منهي عنه فإنه اعتداء في الدعاء، حتى لو كان النهي نهي كراهة، وقد أشار لهذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أن الصحابة عدوا من الاعتداء في الدعاء ما هو دُون المحرَّم.
وكان في سياق البيان أن الدعاء الشركي محرَّم، فقال-رحمه الله تعالى-: “كيف إذا كان الدعاء شركيًّا، فإنه اعتداء من باب أولى، ولذلك إن الصحابة عدوا الدعاء المكروه اعتداء في الدعاء.
فهذا ضابطه – الله أعلم- أن يقال: إن كل دعاء غير شرعي فهو اعتداء في الدعاء سواء كان محرَّمًا أو مكروهًا – والله أعلم-.