يقول السائل: ما معنى الإسلام السياسي؟ وأول من دعا إلى هذا؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: الإسلام السياسي، يعني الإسلام الذي يسيِّس سياسيًا، ويستخدم الإسلام لأجل مآرب سياسية، هذا هو معنى الإسلام السياسي، وقد اشتهر إطلاق هذا على الجماعات الحركية كجماعة الإخوان المسلمين؛ لأنهم يتظاهرون أمام الناس بأنهم دعاة إسلاميون، وأنهم دعاة دين الله، وهم في الحقيقية دعاة سياسيون حزبيون، يدعون لحزبهم.
فيستغلون الإسلام لتيسير أمورهم السياسية التي تخدم حزبهم، هذا اشتهر به الإخوان المسلمون، وإذا أُطلِق فيراد به الحركيون في الجملة، وهم أول من دعا إلى ذلك.
وممن اشتهر في مثل هذا: المودودي، وسيد قطب، وقبلهم حسن البنا وغيرهم من الحركيين الإخوانيين، هذا ما يتعلق بالإسلام السياسي.
لكن أنبه إلى أمر، إلى أن الدين حاكم على الجميع، ومما يحكمه دين الله السياسة، فمن الخطأ أن يقال: إن السياسة ليست من الدين، بل السياسة تحت حكم دين الله، وهي من دين الله.
لكن من الخطأ في المقابل أن يبالَغ في السياسة، وأن يُظَن أن السياسي يتتبع الأخبار، والصحف والمجلات والقنوات وغير ذلك، وأن يكون لعامة الناس، هذا خطأ، فإن أمثال هذه الأمور لا تخرج في الغالب عن أحد أمرين، إما عن نقل غير مصدق، بأن ينقل خبرًا من ليس موثوقًا من القنوات والأشخاص، والله سبحانه يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6].
وإما أن يكون بالتحليلات العقلية وهذه ظنون، وقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث»، هذا بالنسبة إلى عامة الناس.
ثم إن عامة الناس لو تبين لهم أمر سياسي على وجه حقيقي، فإنه ليس بيدهم قرار، لذا ينبغي أن يعلم أن السياسة من الدين، لكنها موكولة لولاة أمر المسلمين، ومن أوكلهم ولي الأمر، وليس لعامة الناس أن يشتغلوا بمثل هذا، فإن اشتغالهم بمثل هذا اشتغال مذموم، وهو من العلم الذي لا ينفع، وقد ثبت في “صحيح مسلم” من حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع”.