يقول السائل: ما هو الضابط في التشهير بأهل المعاصي، كمن سرق أو فعل منكرًا، وهل يفرَّق إذا كان الأمر سرًا أو علانية أيضًا إن كان الأمر يتكرر من الفاعل، وإذا لو كان فعله متعديًا لأذى الآخرين، وهل مثل حال نشر صورة الشخص العاصي وبثه في النت لتحذير الناس جائز، وما المراد بقوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم} [النساء:148]، إلى آخره؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن القاعدة الشرعية أن من أخطأ علانية يُردُّ عليه علانية، ولا يصح أن يسمى الرد على المخطئ علانية تشهيرًا، بل يسمى إنكار منكر، ويسمى الرد على المخالف، وهذا أصل من أصول أهل السنة، وتكاثرت الأدلة في بيان الرد على المخالف.
فإذًا إذا كان المنكر علانية فيجب الرد عليه علانية، كما بين هذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما في “مجموع الفتاوى”، ثم شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى في “مجموع فتاواه ومقالاته” رحمه الله تعالى.
فمن أخطأ علانية فلا بد أن يرد علانية.
أما إذا كان المنكر سرًا فلا يشاع ويشهر بين الناس ؛لأن هذا من حب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين، وهو منكَر.
وقد فسر بعض السلف -وأظنه عليًّا- ذلك بنشر أخطاء المسلمين ومعاصيهم، وقد بين هذا البغوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من أهل العلم.
فلذا إذا أخطأ علانية يُردُّ عليه علانية، لكن في المقابل لا يُنشَر هذا المنكَر بين الناس؛ لأن هذا من محبة إشاعة الفاحشة بين المؤمنين.
ومن مفاسده: أن أهل الباطل والفساد يتساهلون في أمثال هذه المنكرات، بزعم أن فعلها شائع ومنتشر .
أما قوله سبحانه: { لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ } [النساء:148].: فالأصل أن الله لا يحب القول السيء إلا من ظُلِم، فإن الله يجيزه له من باب جزاء وفاقا، ومن باب أنه يأخذ حقه، هذا معناها الإجمالي، وفيها تفصيل لا يناسب له مثل هذا.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.