ما هي مؤلفات أهل السنة في الرد على أهل البدع؟


يقول السائل: ما هي مؤلفات أهل السنة في الرد على أهل البدع؟

الجواب:

مؤلفات أهل السنة في الرد على أهل البدع كثيرة للغاية ويصعب حصرها، ومما يحضرني على عجالة ردَّان عظيمان للإمام عثمان بن سعيد الدارمي، الأول: رده على بشر المريسي، والثاني: رده على الجهمية.

وهذان الردان فيهما من الأدلة العقلية والنقلية في تقرير مذهب السلف ما يبهر العقول، وقد أثنى على هذين الردين الإمام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وأوصى بهما ابنَ القيم، كما ذكر ذلك ابن القيم عن شيخ الإسلام في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية).

ومن ردود أهل السنة على أهل البدع رد الإمام أحمد على الزنادقة والجهمية، وهو رد نافع، وفيه بيان لحجج نقلية وعقلية في إبطال مذهب الجهمية.

وكلام أئمة السنة في هذا كثير، وردودهم عظيمة في تقرير معتقد السلف، وحصره يصعب، لكن هذا بعضه إلى زمن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإن ردوده كثيرة للغاية على المخالفين من أهل البدع، وقد رد على الصوفية في كتابه (الاستقامة)، ورد على الرافضة في كتابه (منهاج السنة)، ورد على الرازي في كتابه (بيان تلبيس الجهمية)، وكتابه (درء تعارض العقل والنقل)، ورد على الأشاعرة في كتابه (التدمرية)، وفي كتابه (الحموية)، ورد على البكري في دعوته إلى الشرك ووسائل الشرك في كتاب مسمى بـ (الرد على البكري)، ويسمى أيضًا بـ (تلخيص الاستغاثة)، ورد على الإخنائي في استحبابه شدَّ الرحل إلى قبر النبي ﷺ في كتابه (الإخنائية).

فالمقصود أن ردود شيخ الإسلام كثيرة للغاية -رحمه الله تعالى-.

ثم إن ردود أئمة الدعوة النجدية السلفية كثيرة، وفي مقدمهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في الرد على دعاة الشرك وأهل البدع، وقد جمع ردودهم ابن قاسم -رحمه الله تعالى- في كتابه (الدرر السنية)، وكذلك جُمع كثيرٌ من هذه الكتب في (جامع الرسائل والمسائل النجدية) وفي غيرها، وقد أفردت بعض الردود بمؤلفات ككتب الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله تعالى-، ومنها كتاب في الرد على داود بن جرجيس.

وكتب الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في كتابه (مصباح الظلام) في الرد على عثمان بن منصور التميمي، وقد كَتب فيه ردين: أحدهما مطول، والثاني مختصر على داود بن جرجيس، وغير ذلك من الردود الكثيرة لأئمة الدعوة النجدية السلفية إلى علمائنا المعاصرين.

ومن أكثرهم ردًّا على المخالفين في الأجوبة والكتب وتقديم الرسائل هو شيخنا العلامة ابن باز -رحمه الله تعالى-، وقد جُمِعَ كثير منها في (مجموع مؤلفاته).

وقد اشتهر العلامة المجاهد حمود بن عبد الله التويجري -رحمه الله تعالى- بردوده القوية على المخالفين في أبواب الدين.

وممن اشتهر أيضًا بالردود شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله تعالى- في مقالات وغير ذلك، وجمع بعضها في كتاب (التبيان في أخطاء الكُتَّاب).

والمقصود: أن ردود أهل السنة قديمًا وحديثًا كثيرة على أهل البدع، ومن أراد ذلك فليراجع رسائلهم وكتبهم، فما أكثرها.

ومن العجيب قول: إن الرد على أهل البدع تقسية للقلوب؟! مع أنه جهاد عظيم، وهو جهاد الخاصة وتوارد عليه أئمة السنة.

ويردد بعض الناس اليوم القول بأن الرد على أهل البدع مشغل، ولو اشتغل العالم بالذي رد على أهل البدعة في تفسير كتاب الله أو شرح البخاري أو مسلم لكان خيرًا لهم.

وهذا الأمر ليس جديدًا، فإن الصفدي، ممن كان يتردد على شيخ الإسلام ويسأله، وكان في نفسه شيء لتأثره بعلم الكلام، وسأل شيخ الإسلام ابن تيمية سؤالًا وأجاب عنه بجواب مطول، طبع بعد ذلك في كتاب باسم (الصفدية)، وبقي عند الصفدي التباس ولبس، لذلك لما تكلم عن شيخ الإسلام وأثنى عليه وأنه صاحب علم إلى آخره، قال: ولو تفرغ لشرح البخاري لكان خيرًا له من هذه الردود، وسبب كلام الصفدي هذا أنَّ في نفسه شيئًا، ولا يزال متأثرًا بعلم الكلام.

وما يذكره اليوم بعضهم من عدم الرد على المخالفين من الحزبيين والإخوان المسلمين والتبليغ وغيرهم، هو لأجل أن في نفسهم شيئًا، أو أنهم لا يعرفون حقيقة هذه الردود وقيمتها، ولو عرفوا لعلموا أن فيها خيرًا عظيمًا، وأن فيها حماية للدين والذود عن حياضه.

ثم أنبه إلى أن في كتب الردود من العلم ما ليس في كتب التأصيل، لذا ينبغي لطالب العلم أن يجمع بينهما، بين دراسة كتب التأصيل في الاعتقاد ككتاب (القواعد الأربع) و(ثلاثة الأصول) و(كتاب التوحيد) و(كشف الشبهات) و(نواقض الإسلام) للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-.

ويتأصل في معرفة الاعتقاد بحفظ ودراسة (الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية، فمن جمع بين الأمرين فإنه سيجمع علمًا عظيمًا.

أسأل الله أن يجعلنا جميعًا محامين وحراسًا، نذود عن شريعة محمد بن عبد الله ﷺ، فإنه بإظهار شريعة الرد يضعف أهل البدع ويقوى أهل السنة، وفي رسالة نقلها ابن وضاح في كتاب (البدع) أنَّ أسد بن موسى كتب رسالة إلى أسد بن فرات، يثني عليه، ويُشيد به، ويذكر أنَّ في ردوده على أهل البدع تقوية لأهل السنة وإضعافًا لأهل البدع، فإنَّ من أعظم فوائد الرد على أهل البدع أن فيه إضعافًا لأهل البدع، وتقوية لأهل السنة.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.

dsadsdsdsdsads

شارك المحتوى:
0