مجموع كلام الإمام عبد العزيز بن باز حول ختم القرآن في صلاة التراويح ودعاء الختمة فيها
الحمد لله العلي الكبير، العليم الحكيم، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فهذا كلام شيخنا الإمام الناصح والعلامة المصلح والمحدث الفقيه عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ حول ختم القرآن في صلاة التراويح، ودعاء الختمة فيها، أحببت طرحه لفائدة نفسي وإخواني ـ زادهم الله إيماناً وعلماً ـ وقد نقلته من عدة مواضع في “مجموع فتاويه”(11/354-362و11/330-331و6/294و15/326و335و331و12/145-147و24/421و26/136و30/32-35).
وأسأل الله أن ينفع به الجامع والقارئ والناشر، إنه سميع مجيب.
س1: ما حكم دعاء ختم القرآن؟
ج1: لم يزل السلف يختمون القرآن، ويقرءون دعاء الختمة في صلاة رمضان، ولا نعلم في هذا نزاعاً بينهم، فالأقرب في مثل هذا أنه يقرأ لكن لا يطول على الناس، ويتحرى الدعوات المفيدة والجامعة مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها: (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب جوامع الدعاء، ويدع ما سوى ذلك )).
فالأفضل للإمام في دعاء ختم القرآن والقنوت تحري الكلمات الجامعة وعدم التطويل على الناس، يقرأ:
(( اللهم اهدنا فيمن هديت )) الذي ورد في حديث الحسن في القنوت، ويزيد معه ما يتيسر من الدعوات الطيبة كما زاد عمر، ولا يتكلف، ولا يطول على الناس، ولا يشق عليهم، وهكذا في دعاء ختم القرآن يدعو بما يتيسر من الدعوات الجامعة، يبدأ ذلك بحمد الله، والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام، ويختم فيما يتيسر من صلاة الليل أو في الوتر ولا يطول على الناس تطويلاً يضرهم ويشق عليهم، وهذا معروف عن السلف تلقاه الخلف عن السلف، وهكذا كان مشايخنا، مع تحريهم للسنة، وعنايتهم بها يفعلون ذلك، تلقاه آخرهم عن أولهم، ولا يخفى على أئمة الدعوة ممن يتحرى السنة ويحرص عليها.
فالحاصل أن هذا لا بأس به إن شاء الله، ولا حرج فيه، بل هو مستحب لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب الله عز وجل، وكان أنس رضي الله عنه إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا في خارج الصلاة، فهكذا في الصلاة، فالباب واحد، لأن الدعاء مشروع في الصلاة وخارجها، وجنس الدعاء مما يشرع في الصلاة، فليس بمستنكر، ومعلوم أن الدعاء في الصلاة مطلوب عند قراءة آية العذاب، وعند آية الرحمة، يدعو الإنسان عندها كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل، فهذا مثل ذلك مشروع بعد ختم القرآن، وإنما الكلام إذا كان في داخل الصلاة، أما في خارج الصلاة فلا أعلم نزاعاً في أنه مستحب الدعاء بعد ختم القرآن، لكن في الصلاة هو الذي حصل فيه الإثارة الآن والبحث، فلا أعلم عن السلف أن أحداً أنكر هذا في داخل الصلاة، كما أني لا أعلم أحدا أنكره خارج الصلاة، هذا هو الذي يعتمد عليه في أنه أمر معلوم عند السلف، قد درج عليه أولهم وآخرهم، فمن قال: إنه منكر فعليه الدليل، وليس على من فعل ما فعله السلف، وإنما إقامة الدليل على من أنكره وقال: إنه منكر، أو إنه بدعة، هذا ما درج عليه سلف الأمة وساروا عليه وتلقاه خلفهم عن سلفهم وفيهم العلماء والأخيار والمحدثون، وجنس الدعاء في الصلاة معروف من النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل، فينبغي أن يكون هذا من جنس ذاك.اهـ
س2: ما موضع دعاء ختم القرآن؟ وهل هو قبل الركوع أم بعد الركوع؟
ج2: الأفضل أن يكون بعد أن يكمل المعوذتين، فإذا أكمل القرآن يدعو سواء في الركعة الأولى أو في الثانية أو في الأخيرة، يعني بعد ما يكمل قراءة القرآن يبدأ في الدعاء بما يتيسر في أي وقت من الصلاة في الأولى منها أو في الوسط أو في آخر ركعة، كل ذلك لا بأس به، المهم أن يدعو عند قراءة آخر القرآن، والسنة أن لا يطول وأن يقتصر على جوامع الدعاء في القنوت وفي دعاء ختم القرآن.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع، وقنت بعد الركوع، والأكثر أنه قنت بعد الركوع، ودعاء ختم القرآن من جنس القنوت في الوتر، لأن أسبابه الانتهاء من ختم القرآن، والشيء عند وجود سببه يشرع فيه القنوت عند وجود سببه وهو الركعة الأخيرة بعدما يركع، وبعدما يرفع من الركوع، لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، وأسباب الدعاء في ختم القرآن هو نهاية القرآن، لأنه نعمة عظيمة أنعم الله بها على العبد فهو أنهى كتاب الله وأكمله، فمن هذه النعمة أن يدعو الله أن ينفعه بهدي كتابه، وأن يجعله من أهله، وأن يعينه على ذكره وشكره، وأن يصلح قلبه وعمله، لأنه بعد عمل صالح، كما يدعو في آخر الصلاة بعد نهايتها من دعوات عظيمة، قبل أن يسلم، بعد أن من الله عليه بإكمال الصلاة وإنهائها، وهكذا في الوتر يدعو في القنوت بعد إنهاء الصلاة وإكمالها.اهـ
س3: هل هناك دعاء معين لختم القرآن؟ وما صحة الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؟
ج3: لم يرد دليل على تعيين دعاء معين فيما نعلم، ولذلك يجوز للإنسان أن يدعو بما شاء، ويتخير من الأدعية النافعة، كطلب مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة والنجاة من النار، والاستعاذة من الفتن، وطلب التوفيق لفهم القرآن الكريم على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، والعمل به وحفظه ونحو ذلك، لأنه ثبت عن أنس- رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن ويدعو، أما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عنه شيء في ذلك فيما أعلم، أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه، ولكنها مشهورة بين مشايخنا وغيرهم، ولكنني لم أقف على ذلك في شيء من كتبه، والله أعلم.اهـ
س4: ما حكم تتبع الختمات في المساجد؟
ج4: هذا له أسبابه، فإذا كانت رجاء قبول الدعاء لأن الله جل وعلا قد وعد بالإجابة وقد يجاب هذا ولا يجاب هذا، فالذي ينتقل إلى المساجد إذا كان قصده خيراً لعله يدخل في هؤلاء المستجاب لهم، يرجو أن الله يجيبهم، ويكون معهم، فلا حرج في ذلك إذا كان بنية صالحة وقصد صالح، رجاء أن ينفعه الله بذلك، ويقبل دعاءهم وهو معهم.اهـ
س5: ما حكم السفر إلى مكة والمدينة لقصد حضور الختمة؟
ج5: السفر إلى مكة أو المدينة قربة وطاعة، للعمرة أو للصلاة في المسجد الحرام أو للصلاة في المسجد النبوي في رمضان وفي غيره بإجماع المسلمين، ولا حرج في هذا، لأن حضور الختمة ضمن الصلاة في الحرمين، وقد يكون معه عمرة فهو خير يجر إلى خير.اهـ
س6: ما رأي سماحتكم فيما يقوم به بعض الأئمة من التوكيل لمن يقوم مقامه في الصلاة في آخر رمضان بعد ختم القرآن من أجل العمرة؟
ج6: الذي يظهر لي التوسعة في هذا، وعدم التشديد، ولا سيما إذا تيسر نائب صالح يكون في قراءته وصلاته مثل الإمام أو أحسن من الإمام، فالأمر في هذا واسع جداً، والمقصود أنه إذا اختار لهم إماماً صالحاً ذا صوت حسن وقراءة حسنة فلا بأس، أما كونه يعجل في صلاته أو يعجل في ختمته على وجه يشق عليهم من أجل العمرة فهذا لا ينبغي له، بل ينبغي له أن يصلي صلاة راكدة فيها الطمأنينة وفيها الخشوع، ويقرأ قراءة لا تشق عليهم، ولو لم يعتمر ولو لم يختم أيضاً لما في ذلك من المصلحة العامة لجماعته ولمن يصلي خلفه.اهـ
س7: هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن؟
ج7: يستفاد منها المدارسة وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام دارس جبرائيل للاستفادة، لأن جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله جل وعلا، وهو السفير بين الله والرسل، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي صلى الله عليه وسلم أشياء من جهة الله عز وجل، من جهة إقامة حروف القرآن، ومن جهة معانيه التي أرادها الله، فإذا دارس الإنسان من يعينه على فهم القرآن، ومن يعينه على إقامة ألفاظه فهذا مطلوب، كما دارس النبي صلى الله عليه وسلم جبرائيل، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي عليه الصلاة والسلام، لكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول عليه الصلاة والسلام ما أمره الله به من جهة القرآن، ومن جهة ألفاظه، ومن جهة معانيه، فالرسول عليه الصلاة والسلام يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية، لا أن جبرائيل أفضل منه عليه الصلاة والسلام، بل هو أفضل البشر، وأفضل من الملائكة عليه الصلاة والسلام، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي صلى الله عليه وسلم وللأمة، لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله، وليستفيد مما يأتي به من عند الله عز وجل.
وفيه فائدة أخرى، وهي:
أن المدارسة في الليل أفضل من النهار، لأن هذه المدارسة كانت في الليل، ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره، والاستفادة أكثر من المدارسة نهاراً.
وفيه أيضاً من الفوائد:
شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح، حتى ولو في غير رمضان، لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر من اثنين، فلا بأس يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة وينشطه، فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له، وأنشط له، مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير.
ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة، لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن، ولهذا كان الإمام أحمد رحمه الله يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن، وهذا من جنس عمل السلف في محبة سماع القرآن كله، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة، بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة.اهـ
س8: يحرص كثير من الأئمة على أن يختموا القرآن في التراويح والتهجد لإسماع الجماعة جميع القرآن فهل في ذلك حرج؟
ج8: هذا عمل حسن، فيقرأ الإمام كل ليلة جزءاً أو أقل، لكن في العشر الأخيرة يزيد حتى يختم القرآن ويكمله، هذا إذا تيسر بدون مشقة، وهكذا دعاء الختم فعله الكثير من السلف الصالح، وثبت عن أنس رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله، وفي ذلك خير كثير، والمشروع للجماعة أن يؤمنوا على دعاء الإمام، رجاء أن يتقبل الله منهم، وقد عقد العلامة ابن القيم رحمه الله بابا في كتابه “جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام” ذكر فيه حال السلف في العناية بختم القرآن فنوصي بمراجعته للمزيد من الفائدة.اهـ
س9: الذي لا يتمكن من الختم يشعر بشيء من الألم فما رأيكم؟.
ج9: لا حرج في ذلك، والأمر في هذا واسع والحمد لله، إن ختم فهو أفضل حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، وحتى يفوز الجميع بالأجر العظيم، في هذا الشهر الكريم، وإن حال حائل دون ذلك ولم يتيسر للإمام ختم القرآن فلا حرج في ذلك، والمشروع للإمام أن يراعي المأمومين، ولا يشق عليهم ويرفق بهم، فإذا كانت الإطالة تشق عليهم تركها مراعاة لترغيبهم في الصلاة، وعدم تركها، فإذا صلى بهم إحدى عشرة ركعة فهو أفضل أو ثلاث عشرة ركعة مع الترتيل والاطمئنان في الركوع والسجود فذلك أفضل من كثرة القراءة والركعات، ومن صلاها عشرين أو أكثر فلا بأس، ولكن الاقتصار على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة أفضل، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه زاد على ذلك كما قالت عائشة رضي الله عنها:
(( ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم – يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة )) الحديث متفق عليه.
وثبت عنها رضي الله عنها وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم صلى في بعض الليالي ثلاث عشرة ركعة، وقد صلى الصحابة رضي الله عنهم في عهد عمر رضي الله عنه ثلاثاً وعشرين ركعة، وصلوا في بعض الليالي إحدى عشرة ركعة، وذلك يدل على التوسعة وعدم الحرج.اهـ
س10: ما حكم الاجتماع في دعاء ختم القرآن العظيم، وذلك بأن يختم الإنسان القرآن الكريم ثم يدعو بقية أهله أو غيرهم إلى الدعاء معه دعاء جماعياً لختم القرآن العظيم حتى ينالهم ثواب ختم القرآن الكريم بالوارد عن شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله أو غيره من الأدعية المكتوبة في نهاية المصاحف المسماة بدعاء ختم القرآن العظيم، فهل يجوز الاجتماع على دعاء ختم القرآن العظيم سواء كان ذلك في نهاية شهر رمضان المبارك أو غيره من المناسبات، فهل يعتبر هذا الاجتماع بدعة أم لا؟ وهل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص لختم القرآن العظيم؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟
ج10: لم يرد دليل على تعيين دعاء معين فيما نعلم، ولذلك يجوز للإنسان أن يدعو بما شاء، ويتخير من الأدعية النافعة، كطلب المغفرة من الذنوب والفوز بالجنة والنجاة من النار، والاستعاذة من الفتن، وطلب التوفيق لفهم القرآن الكريم على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، والعمل به وحفظه ونحو ذلك، لأنه ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن ويدعو، أما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عنه شيء في ذلك فيما أعلم.
أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه، ولكنها مشهورة بين مشايخنا وغيرهم، لكنني لم أقف على ذلك في شيء من كتبه والله أعلم.اهـ
س11: هل الأفضل للإمام أن يكمل قراءة القرآن في صلاة التراويح؟
ج11: الأمر في هذا واسع، ولا أعلم دليلاً يدل على أن الأفضل أن يكمل القراءة، إلا أن بعض أهل العلم قال: يستحب أن يسمعهم جميع القرآن حتى يحصل للجماعة سماع القرآن كله، ولكن هذا ليس بدليل واضح، فالمهم أن يخشع في قراءته، ويطمئن ويرتل ويفيد الناس ولو ما ختم، ولو ما قرأ إلا نصف القرآن أو ثلثي القرآن، فليس المهم أن يختم، وإنما المهم أن ينفع الناس في صلاته، وفي خشوعه وفي قراءته حتى يستفيدوا ويطمئنوا، فإن تيسر له أن يكمل القراءة فالحمد لله، وإن لم يتيسر كفاه ما فعل، وإن بقي عليه بعض الشيء، لأن عنايته بالناس وحرصه على خشوعهم وعلى إفادتهم أهم من كونه يختم، فإذا ختم بهم من دون مشقة وأسمعهم القرآن كله فهذا حسن.اهـ
س12: هناك كتيب “دعاء ختم القرآن” لابن تيمية، مكتوب عليه تأليف شيخ الإسلام وقدوة الأنام أحمد بن عبد الحليم . . الخ قدس الله روحه ونور ضريحه آمين، ما حكم هذا القول؟
ج12: الدعاء المشار إليه مشهور عند العلماء أنه من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
أما أنا فلم أقف عليه في شيء من كتبه، والدعاء المذكور لا أعلم به بأساً، والله ولي التوفيق.اهـ
س13: بعض الناس ينكرون على أئمة المساجد الذين يقرءون ختمة القرآن في نهاية شهر رمضان ويقولون: إنه لم يثبت أن أحداً من السلف فعلها، فما صحة ذلك؟
ج13: لا حرج في ذلك، لأنه ثبت عن بعض السلف أنه فعل ذلك، ولأنه دعاء وجد سببه في الصلاة فتعمه أدلة الدعاء في الصلاة كالقنوت في الوتر وفي النوازل، والله ولي التوفيق.اهـ
س14: بعض الأئمة لم يتيسر لهم ختم القرآن في قيام رمضان فلجأ بعضهم إلى القراءة خارج الصلاة حتى يستطيع أن يختم القرآن ليلة تسع وعشرين، فهل لذلك أصل في الشرع المطهر؟ جزاكم الله خيراً.
ج14: لا أعلم لهذا أصلا، والسنة للإمام أن يسمع المأمومين في قيام رمضان القرآن كله، إذا تيسر له ذلك من غير مشقة عليهم، فإن لم يتيسر ذلك فلا حرج وإن لم يختمه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) أخرجه مسلم في صحيحه..اهـ
س15: ما حكم دعاء ختم القرآن، وهل يكون خارج الصلاة أم داخلها؟
ج15: الأولى للإمام أن يقرأ دعاء ختم القرآن في الصلاة، ولكن لا يطيل على الناس، فيتحرى الدعوات المفيدة الجامعة مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها: (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب جوامع الدعاء، ويدع ما سوى ذلك ))فالأفضل للإمام في ختم القرآن وفي القنوت تحري الكلمات الجامعة وعدم الإطالة على الناس، فيقرأ بالدعاء: (( اللهم اهدنا فيمن هديت )) الذي ورد في حديث الحسن رضي الله عنه في القنوت، ويزيد ما تيسر معه من الدعوات الطيبة، كما زاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بدون تكلف أو مشقة على الناس، وهكذا في دعاء ختم القرآن، فيدعو ما تيسر من الدعوات الجامعة، ويبدأ ذلك بحمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويختم بما تيسر من صلاة الليل أو في الوتر مع عدم الإطالة التي تضر بالمصلين، وهذا الأمر معروف عن السلف وتلقاه الخلف عن السلف.
وكان أنس رضي الله عنه إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا رضي الله عنه في خارج الصلاة، أما في الصلاة فلا أحفظ عنه شيئاً في ذلك ولا عن غيره من الصحابة، لكن ما دام يفعله في خارج الصلاة، فهكذا في الصلاة؛ لأن الدعاء مشروع في الصلاة، وليس بأمر مستنكر. ولا أعلم عن السلف أن أحدا أنكر دعاء ختم القرآن في داخل الصلاة، كما أنني لا أعلم من أنكره خارج الصلاة، وهذا هو الذي يعتمد عليه أنه معلوم عند السلف، وقد درج عليه أولهم وآخرهم، فمن قال إنه منكر فعليه بالدليل.اهـ
وجاء في “مجموع فتاويه”(11/330-331):
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ح . ح . ث . سلمه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد:
فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم ( 1684 ) وتاريخ 3 \ 5 \ 1407 هـ الذي نصه:
س 16: أفيدكم أنني أقوم بإمامة جامع بالطائف، وأني والحمد لله أحفظ القرآن الكريم كاملاً، وإني أجد رغبة في قراءة القرآن الكريم متتابعاً في صلوات المغرب والعشاء والفجر خلال العام، بحيث أختم القرآن الكريم مرتين من شهر شوال إلى شهر شعبان من كل عام، ثم أختمه في رمضان مرة ثالثة، فهل في ذلك محذور شرعي، ولو قرأت في المغرب صفحة، والعشاء صفحة ونصف الصفحة، وفي الفجر ثلاث صفحات، فهل في ذلك إطالة على المصلين؟ وهل يجوز أن أدعو في ختام القرآن بالمصلين في رمضان وغيره كما أن المصلين يجدون إطالة في فجر الجمعة إذا قرأت السجدة في الركعة الأولى، والدهر في الثانية، فما هو الحل في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن أقرأ السجدة في جمعة مقسومة على ركعتين، والدهر في جمعة أخرى مقسومة أيضاً على ركعتين وهكذا؟ أو لا داعي لقراءتها إذا كان هناك من المصلين من يستثقل الصلاة في هذه الحالة؟ آمل من الله ثم منكم توضيحاً محرراً كاملاً لهاتين القضيتين وجزاكم الله خيراً؟.
ج16: أفيدك بالنسبة لسؤالك عن قراءة القرآن متتابعاً في صلوات المغرب والعشاء والفجر حتى تختم، أن الأولى ترك ذلك، لأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه الراشدين رضي الله عنهم، وكل الخير في اتباع سيرته عليه الصلاة والسلام وسيرة خلفائه رضي الله عنهم، وإذا تيسر لك أن تختم القرآن في التهجد فذلك خير لك في الدنيا والآخرة وفي إمكانك إن شاء الله أن تختمه مرات كثيرة قبل رمضان.
أما الدعاء عند ختم القرآن فلا بأس به في الصلاة وخارجها وهو من هدي السلف الصالح، كما ذكر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه “جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام”.
أما قراءة سورة السجدة وسورة الدهر في فجر يوم الجمعة فننصحك بالاستمرار في ذلك تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعه بإحسان، ولو ثقل ذلك على بعض الناس.
نسأل الله للجميع التوفيق لما فيه رضاه، والثبات على الحق،والإعانة على كل خير، إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.اهـ
وجمعه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.