بنر من البيوع المحرمة شرعًا

من صفات القلب السليم


من صفات القلب السليم

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ .

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ .

أما بعد:-

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

عباد الله:

اتقوا الله تعالى, واعلموا أن تقوى الله تعالى لن تستقيم لكم إلا بصلاح قلوبكم وأعمالكم.

روى الإمام مسلم في عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ” إن الله لا ينظر إلى صوركم صحيحة ولا إلى أموالكم, ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ” .

نعم يا عباد الله, ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم فيجازيكم عليها والجزاء من جنس العمل

عباد الله : سلامة القلب سبب لاصطفاء الرب لصاحبه ومحبته له قال ابن مسعود رضي الله عنه (إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَهُ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ ” حسنه ابن حجر.

نعم ينظر الله إلى القلوب أولاً. لأن سلامتها يدل عليه صلاح ظاهر العبد. ﴿ يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ .

والقلب السليم يا عباد الله:

هو السالم من الشرك صغيره وكبيره

والسالم من البدع والشبهات التي تشككه في دينه وفي عقيدته وعلاقته مع ربه التي قد تقوده للردة والعياذ بالله، وهو السالم من الشهوات المحرمة أو التي قد تقوده إلى ارتكاب الفواحش والمنكرات.

والقلب السليم هو : القلب المتواضع المخموم, لا غل فيه ولا رياء ولا غش ولا كبر ولا حسد. هو القلب المخلص لله وحده لا شريك له، صاحب هذا القلب من أسعد الناس وأشرحها صدراً وأكثر تعلقاً بالله وأبعدها عن معصية الله .

عباد الله :

وكما أن الله ينظر إلى قلوب العباد. فكذلك ينظر إلى أعمالهم كما سمعتم في الحديث. ينظر إلى أعمالهم التعبدية والتي يتقربون بها إلى خالقهم, وينظر إلى تعاملهم فيما بينهم .

فينظر إلى عباداتهم هل هي كانت خالصة لله وهل وافقوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أدائها ؟ لأنها إذا لم توافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أدائها فإنها مردودة على صاحبها وإن كثر عمله لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )!!

وكذلك ينظر الله إلى تعامل العباد فيما بينهم، هل قاموا بالحقوق التي أمروا بها؟ هل قاموا بحقوق الوالدين وحقوق الزوجة والأولاد وهل تعاهدوا حق الجار حق الأقارب والأرحام وهل أدوا حق ولاة الأمر والتعاون معهم على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل اتصفوا بالصدق في الحديث والوفاء بالعهد والنصح في البيع والشراء هل كفوا اللسان عن الغيبة والنميمة والقذف والاعتداء والظلم؟

قال: ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده “.

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر من يدخل الناس النار ؟ فقال:” الأجوفان: الفم والفرج فاتقوا الله عباد الله: وراقبوا أنفسكم وابذلوا أسباب صلاحها تفحلوا وراقبوا لله في القول والعمل تفلحوا

الخطبة الثانية :

الحمد لله على إحسانه؛ والشكر له على توفيقه وامتنانه ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما. أما بعد:-

فإن قوله عليه الصلاة والسلام “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، يدل على تلازم الظاهر والباطن بالنسبة للعبد التي هي عقيدة أهل السنة وخالفهم الخوارج والمرجئة فصلاح العمل مرتبط بصلاح القلب، وصلاح قلبه مرتبط بصلاح عمله. ووضحه النبي صلى الله عليه وسلم أكثر فقال: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) .

فإذا صلح القلب أصبح العبد يصلي ويصوم ويفعل الخيرات ويبتعد عن السيئات. وإذا فسد القلب كثرت المعاصي وضعف العمل.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: ” القلب ملك الأعضاء: إذا صلح صلحت الأعضاء وإذا فجر فجرت الأعضاء ” وبعض الناس لجهلهم بعقيدتهم لا يُعِيرُ هذا الميزان اهتماماً.

فتجده إذا رجلا يشرب الخمر أو يزني أو يظلم فيقول:” صحيح أنه يفعل مثل هذه الجرائم لكن قلبه أبيض. أو قلبه طاهر! “ويرى من يحافظ على الصلاة ويقرأ القرآن ويطلق لحيته ويتبع السنة فيحكم عليه بأنه منافق أو مرائي!

وكأنه شق عن قلبيهما وصنف آخر يمارس المعاصي ويقصر في الواجبات فإذا نُصِح وذُكّر بالله, أشار إلى صدره وقال:” التقوى هاهنا “فيقع في عقيدة المرجئة الضلال وهو لا يعلم!

فاتقوا الله عباد الله وتعلموا دينكم وعقيدتكم لتلقوا ربكم بقلوب سليمة وأعمال صالحة نفعني الله وإياكم بما سمعنا واعلموا -رحمكم الله- أن الله تعالى أمركم بأمر عظيم؛ أمركم بالصلاة والتسليم على نبي المرسلين، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إن من خير أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا من الصلاة علي فيه فإن صلاتكم معروضة علي).

اللهم صل وسلم عليه وعلى اله وصحبه وسلم اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا يا رب العالمين اللهم توفنا وأنت راض عنا برحمتك ياأرحم اللهم أحينا على التوحيد والسنة وأمتنا عليها يارحمن يارحيم

عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون؛ فاذكروا الله العظيم الذي يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم واسألوه من فضله يعطكم، واتلوا ما أوحي إليكم من كتاب ربكم، وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.


شارك المحتوى: