يقول السائل: من يدَّعي السلفية ويضع شروطًا للحاكم المتغلب، وهل إذا تغلب على حي يقتل من تغلب؟ نرجو الجواب. جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
السؤال فيه شيء من الإجمال، لكن من حيث الجملة من طرق تولي الحكم في الشريعة: الاختيار، والغلبة، أو بعبارة أخرى: الاختيار والاضطرار.
والاختيار له طريقتان: إما أن يعهد إليه من قبله، أو يختاره أهل الحل والعقد، لا أن يختاره عامة الناس في الانتخابات والبرلمانات وإنما يختاره أهل الحل والعقد، وهذه الطريقة ثبتت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- لما طُعِنَ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: إن تركتُ فقد ترك مَن هو خيرٌ مني -يعني النبي ﷺ- وإن استخلفتُ فقد استخلف من هو خير مني -يعني أبا بكر الصديق-. وقد استخلف عمر -رضي الله عنه-.
وهذه الطريق قد أجمع العلماء عليها، وقد جعل عمر -رضي الله عنه- الأمر في ستة، وحكى الإجماع على هذه الطرق، أو على طريقة الاختيار بأن يعهد من قبله، أو أن يختار أهل الحل والعقد، النووي والعراقي كما في (طرح التثريب)، وحكاه غيره من أهل العلم.
أما طريقة الاضطرار -وهي طريقة التغلُّب- فهي طريقة ثبتت بفتاوى الصحابة كابن عمر -رضي الله عنهما-، وبظواهر نصوص الأدلة من السنة النبوية، وبإجماع السلف، حكى الإجماع جمع كبير كالإمام أحمد، وعلي بن المديني، والرازيين، بأن ذكروه في كتب الاعتقاد، وذكره غيرهم من أئمة السنة.
فمن ثبت له الحكم بالتغلُّب، فقد أخطأ في طريقة تولي الحكم وهو آثم، لكن لمَّا ثبت له الحكم وجبت بيعته والسمع والطاعة له في غير معصية الله، وذلك رحمة بالعباد حتى تحقن الدماء، وتحفظ الأعراض والأموال.
ثم إذا تولى الحكم لا يجوز له أن يقتل الحاكم الذي قبله الذي أخذ الحكم منه؛ لأن الأصل في دماء المسلمين الحرمة، لما أخرج مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- والبخاري من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا»، وكان الخطاب في خطبة عرفة.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.