يقول السائل: هل الاحتساب متاح للجميع بلا أي ضابط، فإن كانت الإجابة لا، فما هي ضوابطه؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: الاحتساب لكل أحد، كما قال سبحانه: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110].
وكما أخرج مسلم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بقلبه وذلك أضعف الإيمان»،فالإنكار مشروع لكل مسلم، وهو واجب على كل من رأى منكرًا، فإنه يجب عليه أن ينكر ذلك، للأوامر التي جاءت في الشرع، والتي تقدم ذكر بعضها.
لكن كل من أراد أن ينكر المنكر لابد أن يكون عالمًا بأن هذا الأمر الذي يريد إنكاره محرَّم، كما أفاد ذلك النووي رحمه الله تعالى في “شرحه على مسلم” ونقل عن العلماء، وذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم.
لذا قال سبحانه: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108] أي: على علم، فلا يصح لأحد أن يُقدِم على إنكار أمر وهو يجهل، هل هو حرام أو حلال؟
وأيضًا: ينبغي أن يراعى في ذلك المصالح والمفاسد؛ فإن من أراد أن ينكر منكَرًا وترتب على إنكاره مفسدة أكبر، فإنه ليس له أن يفعل ذلك؛ لأن الدين قائم على جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها.
إلا أن المتيسر -ولله الحمد- هو الإنكار بالكلمة وبالقول، وهذا في الغالب مقبول وغير مردود لمن أقدم على ذلك بأسلوب طيب، وبكلمة طيبة، ووعظ الناس، وبين لهم، فإنه في الغالب يستجيبون ، لذا الواجب علينا أن نجتهد في إنكار المنكرات ببيان أن هذا خطأ، وأن نناصح الناس بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، فإن هذا سبب فلاح هذه الأمة، أسأل الله أن يعيننا المسلمين أجمعين على القيام بذلك.