هل تبديع وتصنيف السرورية موضوعي؟


بسم الله الرحمن الرحيم

(هل تبديع وتصنيف السرورية موضوعي؟)

يدّعي البعض أن تبديع السرورية والقطبية غير علمي ولا موضوعي، وأن هذه الفرقة لا وجود لها، وإنما هي من التنابز بالألقاب الذي ينبغي تركه.

لكن لننظر في الأصول التي من أجلها تم تصنيف السرورية، فليست المعركة في مجرد اسم السرورية فالعبرة بحقيقة التصنيف وليس مجرد التسمية، وهذا التصنيف مبني على مخالفة في أصول تُخرج صاحبها من السنة وليست مجرد خلاف داخل فرقة واحدة، فمن خالف في هذه الأصول التي أجمع أهل السنة على تضليل وتبديع الواقع فيها فهو مبتدع، أما تصنيفه بـ(السروري) فيرجع إلى المخالفة في هذه الأصول على طريقة ومدرسة محمد سرور زين العابدين.

وإليك هذه الأصول:

الأصل الأول: موافقة الخوارج في التكفير بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله، والتكفير بذلك هو صنيع الخوارج وليس قولًا سائغًا عند أهل السنة [1]، واشتهر رموزهم بالمخالفة في هذه المسألة، ابتداءً بسيد قطب ومن بعده.

الأصل الثاني: مخالفة أهل السنة في الخروج على الحاكم المسلم الفاسق الظالم، وهذه المسألة من المسائل المُجمع عليها وذُكرت كثيرًا في كتب الاعتقاد، وقد بدّع السلف المُخالف فيها، كما حكى ذلك عن أهل السنة الإمام أحمد [2]، وغيره، وطبّقوه عمليًّا مع الحسن بن صالح.

الأصل الثالث: إهمال أو إلغاء أصل هجر أهل البدع بزعم محاربة العلمانية والإلحاد، وغيرها من المبررات الباطلة، وهذا أصلٌ كليٌّ يُخرج صاحبه مِن السنة [3]، فهم لا يرون أن الأصل مع الأشاعرة والماتريدية والأباضية …وغيرهم من أهل البدع والضلال: أنه الهجر، ثم يُنتقَل عنه لمصلحة راجحة أو مفسدة متحققة، وهذا هدمٌ لأصل عند أهل السنة مجمعٌ عليه، بل بدَّعوا من جعل أهل البدع خدنه ومدخله ومخرجه.

هذه الأمور الثلاثة من أبرز ما تجده في هذا التيار، ولا يكاد يخلو منها أو أحدها من يُصنَّف بالسرورية، أما المتعاطفون معهم فقد لا يتبنوا هذه الأقوال كلها لكن تراهم يُجالسونهم ويُروّجون لهم ويغضون الطرف عن بدعهم ويُخذِّلون أهل السنة عن نقد باطلهم؛ لأنهم لا يرون هذه المخالفات تُخرج صاحبها من السنة للبدعة، جهلًا بمنهج السلف، أو مكابرة له.

فمن خالف في هذه الأصول فهو مبتدع ضال وإن انتسب للسلفية، وإن كان يسير في مخالفته على طريقة تيار السرورية فهو منهم.

فإذا عرفت ما تقدم: تبيَّن أن تصنيف السرورية موضوعيٌّ وعلميٌّ؛ لأنه تصنيفٌ مبنيٌّ على مخالفة أصول تُخرج صاحبها من السنة للبدعة، لا المخالفة التي يسوغ فيها الخلاف أو مجرد التنابز بالألقاب.

وأختم المقال بالتنبيه على أمور مهمة:

التنبيه الأول: ما تقدم من الأصول التي لأجلها بُدِّع السرورية هي أصولٌ شرعية، فليس الخلاف مع السرورية خلافًا سياسيًّا أو مجرد متابعة لسياسة الدولة السعودية التي صنَّفت هذه الجماعات والتيارات على أنها إرهابية، بل في عز تمكينهم على مفاصل الدولة كان أهل العلم يُضللونهم ويُحذرون منهم ومن رأسهم محمد سرور زين العابدين، وإن لم يُطلقوا عليهم اسم (السرورية) فالعبرة بحقيقة التصنيف وليس مجرد التسمية.

التنبيه الثاني: من الخطأ اتخاذ المرجعية في تصنيف أهل البدع عمومًا ومنهم السرورية والإخوان المسلمين من غيرِ العلماء، كالإعلاميين وصناع المحتوى والمحللين السياسيين ونحوهم، فالمرجع في مثل هذه الأمور لأهل العلم ومن سواهم تبعٌ لهم.

التنبيه الثالث: من أسباب انتشار السرورية: كثرة أعدادهم وقوتهم الإعلامية في مقابل قلة أهل الحق وإعلامهم، وهذا حال أهل الغربة كما قاله الصادق المصدوق ﷺ، والعوام يتأثرون بكل من يظهر في الإعلام ووسائل التواصل، لكن من أعظم أسباب اختراقهم للصفوف السلفية: ضعف كثير من أهل العلم وطلاب العلم عن تحصين أنفسهم وطلابهم من هذه الفكر السروري وأصحابه، أو الاكتفاء بالتحذير العام بزعم الانشغال بالعلم، لكن قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في نونيته:

فعليك بالتفصيل والتمييز فالإ … طلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ … ـأذهان والآراء كل زمان

التنبيه الرابع: من يُروّج لبدع السرورية من غير أن يُمارسها عمليًّا ليس بأقل خطورة ممن يُمارسها، فقد بدّع السلف قَعَدَة الخوارج الذين يُؤصِّلون الخروج ويُزينوه للناس ولا يُمارسوه [4]، كما بدَّع أئمة السنة الحسن بن صالح -كما تقدم- وهو لم يُمارس الخروج.

كتبه/ محمد بن عبد الحفيظ
6 / شوال / 1446هـ
4 / 4 / 2025م

………………………….

[1] انظر: تفسير السمعاني (2 / 42) دار الوطن – ط1، ومجموع فتاوى ابن باز (5 / 355).

[2] أصول السنة للإمام أحمد (ص 45) دار المنار – ط1.

[3] انظر نقولات السلف وإجماعهم في هذه المسألة في رسالة (إخوانية أحمد السيد) (ص 3 – 9).

إخوانية أحمد السيد

[4] انظر: فتح الباري (1 / 432-459)، والإصابة (5 / 232).


شارك المحتوى:
0