يقول السائل: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟ وهل ذكر ذلك الإمام أحمد رحمه الله في كتب أصول السنة.
يقال:
يقال: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام، ويدل على ذلك حديث معاذ وابن عباس رضي الله عنهما، قال: «رأيت ربي الليلة في أحسن صورة»، وفي بعض الألفاظ: «في المنام».
وقد جاء في ذلك أحاديث، وبسط القول فيها شيخ الإسلام ابن تيمية، وصحح هذه الأحاديث في كتابه “بيان تلبيس الجهمية”، وأطال الكلام على طرق هذه الأحاديث، ونقل عن أبي زرعة والإمام أحمد والطبراني، وجماعة من أئمة السنة أنهم صححوا الأحاديث في ذلك، فالأحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنها رؤيا منام.
وينبغي أن يتنبه لما يلي:
الأمر الأول: أن أهل السنة لا يمانعون أن الله يُرَى في المنام، وظاهر كلام شيخ الإسلام والقاضي عياض أن على هذا إجماع أهل السنة خلافًا للمعتزلة، وقد تقدم الدليل على ذلك، وهو حديث ابن عباس ومعاذ.
الأمر الثاني: أن أحاديث رؤية الله في المنام ليست من أحاديث الصفات، بل هي رؤيا منام، ورؤيا المنام هي أمثال وأشباه يراها النائم، وهذه الأمثال تفسَّر برموزها إلى آخره.
إذًا هي ليست رؤية على حقيقتها، وإنما كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في “مجموع الفتاوى”: «كل ما كان الإيمان أكمل كانت رؤية الله في المنام في صورة أحسن»، وبيَّن هذا في كتابه “بيان تلبيس الجهمية”.
الأمر الثالث: أن أهل السنة مجمعون على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربه حقيقة وهو على الأرض، حكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في “مجموع الفتاوى”.
الأمر الرابع: أن أهل السنة اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه لما صُعِد به إلى السماء السابعة، والذي عليه الصحابة أنه لم ير ربه بعينيه، وإنما رأى ربَّه بفؤاده، وبهذا تجتمع أقوال الصحابة، كما ذكره الدارامي في رده على الجهمية.
وقرَّر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما في “مجموع الفتاوى”، وابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه “اجتماع الجيوش الإسلامية” وغيره، وقرَّره ابن أبي العز الحنفي في “شرحه على الطحاوية”.
فبمعرفة ما تقدم يُعرَف أصلُ بحث هذه المسائل، وأنه ينبغي أن يفصل فيها ليتضح ما يصح شرعًا ومالا يصح شرعًا.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما عَلَّمَنا، وجزاكم الله خيرًا.