يقول السائل: هل وردت كلمة “استقيموا” عن رسول الله ﷺ في الأمر بتسوية الصفوف؟ وهل وردت في مخطوطة لكتاب (إتحاف المهرة) أم غير صحيح ما ورد؟ وجزاك الله خيرًا.
الجواب:
أما قول الإمام للمأمومين قبل الإقامة: “استقيموا”، فهذا لا أعرف أنه ورَدَ أو ثبت عن رسول الله ﷺ.
وأما قول السائل: “ وهل وردت في مخطوطة لكتاب (إتحاف المهرة) ” فهذا أمر لا أعلمه والله أعلم.
وأُنبِّه إلى أمر، وهو أنَّ النبي ﷺ كان يسوي الصفوف، فلما رأى الصحابة عقلوا ذلك وعرفوه ترك تسوية الصفوف، ثم لما رأى رجلًا خالف في ذلك أمر بتسوية الصفوف.
يقول النعمان بن بشير -رضي الله عنه-: كان النبي ﷺ يسوي صفوفنا، كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنّا قد عقلنا عنه، ثم خرج يومًا فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلًا باديًا صدره من الصف قال: «عباد الله لتسوونَّ صفوفكم، أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم».
فتركَ النبي ﷺ الأمر بتسوية الصفوف لما عقل الصحابة منه ذلك، فدلَّ هذا على أن الألفاظ التي يؤتى بها لتسوية الصفوف مُرادةٌ لغيرها لا لذاتها، والمقصود هو تسوية الصف، فإذا عقل الناس ذلك فلا يحتاجون إلى أمر، وإذا لم يعقلوه فإنهم مأمورون بذلك، وليست هذه الألفاظ توقيفية فكل لفظ يدل على ذلك فيؤتى به، والأمر في ذلك واسع.
لكن مما أنبه إليه أنَّ كثيرًا من الأئمة في هذا الزمان قد قصَّروا في أمر تسوية الصفوف وأصبحت كالمهجورة عندهم، وصار كثير منهم يكبر مباشرة بدون أن يدعو الناس إلى أن يسووا صفوفهم.
والسنة إذا أُقيمَت الصلاة ألا يستعجل الإمام بتكبيرة الإحرام، ولكن يلتفت إلى الناس ويسوي صفوفهم حتى يكتمل الصف الأول والذي يليه، ويتراص الناس، وأن يقوم بالهدي الذي قام به النبي ﷺ وما فعله الخلفاء الراشدون بعد ذلك كعمر -رضي الله عنه-.