(… وأعرِض عن الجاهلين)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن من المسائل الساخنة التي نعيشها هذه الأيام ثلاث مسائل أحببت أن أتناولها في مقالي هذا الأسبوع.
المسألة الأولى:
تلك الزوبعة الإعلامية التي أثيرت حول كلام الشيخ صالح اللحيدان -حفظه الله- لما قرر حكماً شرعياً دقيقاً في المفسدين في الأرض من ملاك القنوات الفضائية بأنهم يستحقون القتل »قضاء«.
أقول: لا شك أن كلام الشيخ متفق مع الأدلة الشرعية وأقوال العلماء وهو واحد منهم ولا يحتاج مثلي وأمثالي أن يصوبه أو يقره، غير أني بصدد أولئك الذين يعبثون بالكلام ويتفننون ببتره وحمله على غير مراد صاحبه فالقتل بصفته عقوبة شرعية أمر مشروع لا شك فيه وهو من حقوق وخصائص ولي الأمر ويكون ترتيب الأمر في تنفيذ حد القتل كالآتي:
أولا: العلماء يفتون به بما علموا من أدلة الكتاب والسنة.
ثانياً: القضاة يحكمون به بعد التحقيق من مطابقة تلك القضية أو الواقعة أو الحدث او الجريمة بأنها قد صدرت من ذلك الإنسان (المتهم) الذي سينفذ فيه حكم القتل.
ثالثاً: ينفذ الحاكم أو الوالي أو نائبه حكم القتل فيمن صدر بحقه الحكم.
أقول: إذا كان الأمر كما وصفته لك- وهو كذلك- فما الذي ينقمونه على الشيخ صالح اللحيدان؟! بل لا يرد الحق إلا أحد رجلين:
? إما جاهل فيعلم (بضم الياء) فإن استوعب وفهم وإلا اعرضنا عنه.
? وإما مكابر وهذا لا سبيل لهدايته وإقناعه إلا أن يشاء الله له الهداية.
المسألة الثانية:
أحد الكتّاب ممن يهاجمون العقيدة السلفية ومنهجهها وعلمائها، طلب مني عدد من الأخوة الرد عليه، فلما قرأت له بعض ما كتبه وجدت أن الرجل لا هوية له، بل هو مجرد ناقل وأكثر نقولاته عن »البوطي« وكما قيل: (الطيور على أشكالها تقع)، ووجدت أن الرد في الحقيقة سيكون على »البوطي« وليس عليه فاكتفيت بردود علمائنا على »البوطي« في كتبهم المطبوعة كالعلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني والعلامة الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان والعلامة الشيخ عبد المحسن العباد البدر فقد ردوا على »البوطي« وشبهاته بردود علمية منفصلة وهي مطبوعة وكفوني وأمثالي مؤنة الرد، فمن أراد الوقوف على تلك الردود فليراجعها.
وأما ذلك الكاتب الناقل فأرى الإعراض عنه أولى وأفضل.
المسألة الثالثة:
في الأسبوع الماضي لما كتبت مقالاً بعنوان »تنبيه أهل السنة إلى أن القرقيعان ليس من السنة« اعترض بعض الناس على ما كتبته بل وما نقلته عن بعض العلماء في بدعية القرقيعان.
وفي الحقيقة أن ما أكتبه وأنشره لا أعني به هؤلاء الذين لا يقيمون للعلماء وزناً بل بعضهم ربما لا يصلي فضلا عن أنه يستوعب بدعية القرقيعان ونحوه!
فأقول للأخوة- الذين أرسلوا لي يطلبون مني الرد على هؤلاء- أن الإعراض عنهم أولى عملا بقوله تعالى ?وأعرض عن الجاهلين? (الأعراف: 199) أليس هذا جاهلاً؟! فهو لا يعرف معنى البدعة فإذا قيل له كذا وكذا بدعة ولا أصل له في السنة قال إذن السيارة بدعة والطائرة بدعة والكمبيوتر بدعة والإنترنت بدعة.
فما استوعب لجهله أن البدعة أمر محدث في الدين لقوله تعالى ?اليوم أكملت لكم دينكم? (المائدة: 3) ولقوله صلى الله عليه وسلم »من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد« (أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها)، فالبدعة أمر محدث في أمر الدين وليس في أمر الدنيا ?فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً? (النساء: 78).
أخي القارئ الكريم ليس المقصود من كلامي هذا الرد على أولئك الكتّاب بل كما قلت لك هؤلاء الإعراض عنهم هو الأنسب ولكن أردت بيان مدى الجهل الذي بلغ بهؤلاء فقد بلغ بهم درجة الجهل المركب فأحدهم جاهل ويجهل أنه جاهل بل يظن نفسه أنه عالم فبينما تجده لا يفهم معنى »البدعة الشرعية« ينكر على غيره!
يروى أن جاهلاً وصف له الطبيب علاجاً لمدة خمسة أيام على أن يأخذ منه حبة واحدة كل 8 ساعات فظن هذا المسكين أن الأولى أن يأخذ 15 حبة جملة واحدة! فكانت النتيجة بدلا من الشفاء العاجل حصلت له مضاعفات وكاد أن يهلك!فإذا كان أمر هذا المريض الجاهل عجيبا ومضحكا فالجهل في أمر العبادة أعجب وأكثر ضحكا! فلو نظرت إلى حال الحجاج في رمي الجمرات لرأيت العجب العجاب، فلقد أمروا بأن يرموا سبع حصيات وإذا بالجهلة منهم يرمون بالعلب الفارغة وقناني المياه والشمسيات والنعال وبالحجارة الكبيرة ويشتمون ويلعنون ويؤذون الحجاج فإذا قلنا هذه التصرفات من البدع وليس لها أصل في السنة فهل يحق لأحد أن يقول والسيارة بدعة والإنترنت لا أصل له في السنة؟!
وختاما إليك أخي القارئ إضافة جديدة في موضوع القرقيعان أفادني بها أحد الأخوة هذا نصها:»سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن حكم القرقيعان، فقال: ينبغي ألا تفعل حتى لا يعتقد الصبيان أنها سنة«. (اقتضاء الصراط المستقيم- الشريط 21، الوجه الأول).
هذا وأسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين ويهدينا الصراط المستقيم والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سالم بن سعد الطويل