يذكر أهل العلم: أن اتباع الرسول ﷺ يكون بالفعل والترك، فما الضابط؟


يقول السائل: يذكر أهل العلم: أن اتباع الرسول ﷺ يكون بالفعل والترك، مع التفريق بين الأمور الدنيوية والتعبدية، وأيضًا بين ما داوم عليه وما لم يداوم، وأيضًا بين ما فعله قصدًا وما فعله تبعًا.

الإشكال: الرسول أمر بصلاة قبل المغرب لمن شاء، وبعض أهل العلم يرى أن المداومة عليها بدعة، لأن الرسول ﷺ ما داوم عليها، فما الضابط في هذا مع أن الرسول ﷺ أمر بالصلاة قبل المغرب، وأمرُه أقوى من فِعله؟

الجواب:

إنه إذا جاء الأمر من رسول الله ﷺ أمرًا مفصَّلًا، لا أن يكون لفظًا مجملًا، أو عامًّا، أو مطلقًا، إذا جاء الأمر أمرًا واضحًا، ومفصلًا، فمثل هذا: الأصلُ أن يُعمَلَ به، إذا كان من أهل العلم مَن عَمِلَ به، ولا يقال: إنه إذا أمر النبي ﷺ أو دعا إلى فعل ولم يفعله فإنه لا يُفعل؛ بل الأصل أن يطاع ويُتَّبع في قوله، كما يُتَّبع في فِعله ﷺ، وقوله وفعله حجة، ومن أمثلة ذلك:

ما ثبت في البخاري من حديث عبد الله بن عمرو: أن النبي ﷺ ذكر أن أفضل الصيام صيام داوود، كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا. فمثل هذا دعا إليه النبي ﷺ مع أنه لم يكن يفعله، فلا يصح لأحد أن يقول: إن المداومة عليه بدعة لأن النبي ﷺ لم يداوم عليه؛ وذلك لأن قوله في الدلالة على هذا بَيِّنٌ، فليس لفظًا عامًّا أو مجملًا، أو مطلقًا، فيحتاج إلى بيان.

وأؤكد أنه لابد في مثل ذلك أن يُنظَر إلى أفهام أهل العلم، فإذا وُجِدَ قول معتبر في فهم نص مفسَّرٍ عن رسول الله ﷺ، فإن الأصل أن يُفهم كلام النبي ﷺ القولي، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، لما قال: «أفضل الصيام صيام داوود».

ومن أمثلة ذلك: ما ذكره السائل فيما يتعلق بصلاة ركعتين قبل صلاة المغرب، وبعد غروب الشمس، أي: بعد أذان المغرب، فإن مثل هذا ثبت في البخاري من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء».

وفي صحيح مسلم من حديث أنس قال: كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، فكان ﷺ يرانا، فلم يأمرنا ولم ينهنا ﷺ.

فدلَّ هذان الحديثان على استحباب صلاة ركعتين بعد غروب الشمس، وقبل صلاة فريضة المغرب، وإلى هذا ذهب أحمد، وإسحاق، وهو قول جماعة من أهل العلم.

فإذن النص في مثل هذا نص قوليٌّ واضحٌ بَيِّنٌ، ليس مجملًا ولا عامًّا ولا مطلقًا لا يُفهم المراد منه، فيحتاج إلى تفسير، ثم إن هناك مَن فَهِمَ ذلك من أهل العلم، فإذا وُجِدَ مَن فَهِمَ ذلك من أهل العلم فإنه يُعمل بما دل عليه ظاهر الدليل القولي على ما تقدم بيانه.

dsadsdsdsdsads

شارك المحتوى:
0