يستدلون أهل التكفير والتفجير على جواز قتل مدنيًا قتل الكفار لمدني مسلمين، واستدل في ذلك قول الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] ، فما الرد على ذلك؟
يقال جوابًا على هذا السؤال:
أولًا: أثبِتِ العرش ثم انقش، وذلك أن الجهاد الذين يسمونه جهادًا لا يسلم به؛ لأنهم لم يراعوا فيه حال الضعف من القوة، ولم يراعوا فيه وضوح الراية والاجتماع عليها، وإنما هم تكفيريون، أهل ضلالة، تسلطوا على المؤمنين قبل الكافرين، وأكثر من تسلطهم على الكافرين… إلى غير ذلك.
فالقول بأن قتالهم جهاد، هذا لا يسلم به أصلًا، فضلًا عن أن يسلم باستدلالهم بمثل هذا.
ثم ثانيًا: لو قدر أن الجهاد قائم، فالذي يقرر العلماء – فيما رأيته من كلام العلماء السابقين – أنه لا يجوز أن يقتل نساء الكفار، إذا قدر أنهم قتلوا نساءنا، وهذا غير التمثيل بهم، إذا مثلوا بنا نمثل بهم، لأن الممثل مقاتل، فنمثل بمن قاتل.
أما النساء فإذا لم يقاتلن فإنهن لا يقتلن، كما ثبت في الصحيحين في حديث ابن عمر: ((أن النبي–صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل النساء والصبيان)).
وقد أجمع العلماء على ذلك، حكى الإجماع ابن حزمٍ والجصاص وجمع من أهل العلم، فلذا لا يصح أن يقال مثل هذا على القول بأن قتالهم شرعي، وهناك أوجه كثيرة تدل على ضلال مثل هذا، ويكفي أن العلماء فيما رأيت مثل أن العلماء الأولين لا يقروا مثل هذا، نحن مأمورون باتباع السابقين الماضين.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.