يوجد في بعض مساجد بلاد أوروبا أن الإمامة للصلاة امرأة، فهل هذا جائز؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: إن إمامة المرأة للرجال لها حالان:
الحال الأولى: أن تكون المرأة إمامًا للرجال في صلاة الفرض، ومثل هذا قد أجمع العلماء على أنه لا يصح، ذكر الإجماع ابن عبد البر، وابن حزم، والماوردي، وابن قدامة، وغير واحد من أهل العلم؛ فلا يصح للمرأة أن تكون إمامًا لصلاة الجمعة ولا لبقية الفروض، سواء كان في المسجد أو في البيت، لا يصح أن تكون إمامًا للرجال.
الحال الثانية: أن تكون إمامًا للرجال في صلاة النفل، ومثل هذا لا يصح وقد ذهب إليه أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد في رواية.
والدليل على هذا أن يقال: تقدم الإجماع على أنه لا يصح أن تكون إمامًا في صلاة الفريضة، والأصل أن أحكام الفريضة والنافلة واحدة، فإذا لم تصح أن تكون إمامًا للرجال في صلاة الفريضة، فلا يصح أن تكون إمامًا لهم في الصلاة النافلة؛ لأن الأصل في أحكام الإمام والصلاة للفرض والنفل أنها واحدة إلا بدليل.
والعجب أن يفعل هذا بعض المسلمين في بلاد أوروبا أو أمريكا أو غيرها من بلاد الكفر، وأن يجعلوا المرأة إمامًا للرجال، وتستغرب أحيانًا من مثل هذا، هل يريدون بذلك الشهرة؟ أو يريدون أن يبيّنوا للكفار أن الدين فيه مساواة بين الرجال والنساء؟ أم ماذا؟
إن كانوا يريدون الشهرة، فالشهرة محرمة في كل شيء، كما ثبت عن قتادة عند ابن جرير، في تفسير قوله –تعالى–: ﴿وَزُخْرُفًا﴾ [الزخرف: 35]، قال: وكانوا يكرهون الشهرة في كل شيء، والكراهة عند السلف بمعنى التحريم.
وإن كانوا يريدون أن يبينوا أن الشريعة تساوي بين المرأة والرجل، فهذا خطأ، الشريعة ما جاءت بالمساواة، وإنما جاءت بالعدل، وأن تعطي كل ذي حق حقه، وربنا الذي خلق المرأة وخلق الرجل، خلق المرأة على هيئة تصلح لأشياء دون أشياء، وكذلك الرجل، فلا يصح أن تعطى المرأة شيئًا لا تصح له وإنما يصح للرجال وحدهم.
فالمرجو من إخواننا المسلمين عمومًا أن يتقوا الله، وأن يجعلوا الكتاب والسنة قائدهم، ولا يتتبعوا أمثال هذه الأمور، وأن يكون عندهم عزة.
ومن المؤسف أن ترى بعض المسلمين يحاول أن يقدم للكافرين دينًا سمحًا، دينًا إسلاميًّا أمريكيًّا، أو دينًا إسلاميًّا أوروبيًّا، إلى غير ذلك.
وهذا خطأ، وليس لأحد حق أن يفعل ذلك؛ فإن الدين دين الله، ونحن مأمورون بالاتباع، وقد قال –تعالى–: ﴿أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ﴾ [النساء: 59]، وقال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة:3]، …إلخ.