أكثر المنتمين للسُنة يخالفونها ويُعادون أهلها
1- حقيقة الانتماء للسنة: الاتباع؛ بحيث يُحكم اعتقاد المسلم وقوله وعمله في كل ما يُتقرب به إلى الله تعالى بالدليل من كتاب الله وصحيح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وَفْقَ فهم وعمل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم بإحسان في القرون الخيرة، لقول الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “فعليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة” من رواية أبي داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد وابن ماجة، وصححه ابن حبان، وقوله صلى الله عليه وسلم: “خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم”. مما في الصحيحين.
2- وإذا كان الضلال في الأرض أسوأ ما كان وما يكون قد بدأ في قوم نوح عليه السلام ببناء الأنصاب في مجالس الصالحين (لتذكِّرهم ثم لدعائهم والتقرب لله به والاستشفاع بهم عند الله)، كما ورد في رواية البخاري وابن جرير عن تفسير ابن عباس رضي الله عنهم جميعًا لقول الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الكتاب: “لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبائهم مساجد”، متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم عن النصارى في بنائهم المساجد على القبور: “أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا”، ووصفهم بأنهم: “شرار الخلق عند الله يوم القيامة”، فيما رواه البخاري ومسلم؛ وشرار الخلق: هم المشركون والكافرون. وقال صلى الله عليه وسلم عن المبتدعة من المنتمين للإسلام والسنة فضلًا عن الشيعة فمن دونهم: “لتتبعُنَّ سَنَن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لسلكتموه”. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلِيَات نساء دوس على ذي الخلصة”، وكانت صنمًا تعبدها دوس في الجاهلية، متفق عليه.
3- وصَدَق رسول الله صلى الله عليه وسلم من صِدْق وحي الله إليه؛ فقد اتبع أكثر المنتمين للإسلام والسنة (منذ نهاية القرون الخيرة) وثنيةَ من كان قبلهم فبنوا المساجد على القبور، وعظموا هذه الأوثان، وطلبوا المدد ممن سميت باسمه، و(الدعاء هو العبادة)، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6]، وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجنُّ: 18].
4- وصَدَق رسول الله صلى الله عليه وسلم من صِدْق وحي الله إليه؛ فقد اضطربت ألَيات نساء دوس على ذي الخلصة أعوامًا أو عقودًا أو قرونًا فلم يُغير ذلك المنكر أحد من الرعية أو الولاة المنتمين للإسلام والسنة حتى بعث الله الإمام عبد العزيز بن محمد وابنه الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، لتطهير مكة المباركة والمدينة النبوية وما حولهما من عدد لا يحصيه إلا الله من أوثان المقامات والمزارات (وما دونها من مظاهر الضلال) فهدم الله بجيشهما الأوثان، وكان أقدمها وثن ذي الخلصة لخثعم و(دوس)، وفي الصحيحين: أنه كان بيتًا في خثعم يسمى: كعبة اليمانية، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم جرير بن عبدالله البجلي في مئةٍ وخمسين فارسًا من أحْمس، فكسرها وحرقها حتى غدت كالجمل الأجرب، وقتل من وجد عندها، فبَرَّك النبيُّ صلى الله عليه وسلم على خيل أحْمس ورجالها خمس مرات. وقد عادت الوثنية (باسم المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة بلا شكٍّ) مع ولاية الفاطميين (في القرن الرابع والخامس والسادس) وتلقفها المنتمون إلى الشيعة فجعلوها جزءً من عقيدتهم وعبادتهم (ردهم الله إلى دينه الحق)، وتلقفها المنتمون للسنة فدعَوها من دون الله.
5- ووفق الله العلامة الشيعي المجدد د. موسى الموسوي في كتابه الفريد: (الشيعة والتصحيح ـ الصراع بين الشيعة والتشيع) باب: الغلو، وباب زيارة مراقد الأئمة، وأنكر على الشيعة مخالفة شرع الله في الغلو، وفي التعلق بالقبور ودعاء من سميت باسمه، وبيَّن أن جُلَّ فِرَق المنتمين إلى الإسلام (عدا السلفيين) يشاركون الشيعة هذا الخروج عن شرع الله.
قال أثابه الله: (ولقد أكبْرتُ أولئك العلماء السلفيين الذين منحهم الله الحرص على السنة واتخذوها منارًا وهداية لهم وللآخرين، ووقفوا موقف المنكِر لهذه الأعمال)، انظر تهذيبي لكتابه (ص 37 و 41 و 45)، تقربتُ إلى الله بتهذيبه وطبعه عام 1425؛ ويوجد على موقع باسمي على الانترنت.
6- وقبل الفاطميين ظهر في المنتمين إلى الإسلام والسنة (رغم التزام عامتهم بإفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه؛ أساس الدين) ظهر فيهم (ومنهم): الخوارج، والقدرية ـ المعتزلة، والمرجئة ـ القدرية وغير القدرية ـ، والجهمية والأشاعرة وغيرهم.
7- ومن المعتزلة المنتمين إلى الإسلام والسنة تميز عهد ثلاثة من ولاة المسلمين العباسيين وعلمائهم بإلزام علماء السنة بمقالات المعتزلة (القول بخلق القرآن خاصة) مدة 15 عامًا، وقتلوا وسجنوا وجلدوا بعض خيرة علماء السلف، وعلى رأسهم إمام أهل السنة في القرن الثالث: أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
ولم يحدث قبلها ولا بعدها إلى يومنا هذا مثلها، إلا ما كان من علماء الضلال المنتمين للإسلام والسنة في بلاد الشام من التضييق على إمام أهل السنة في القرن السابع والثامن ابن تيمية وعرقلة تجديده الدين والدعوة لصحيح المعتقد وصحيح السنة في العبادات وفي المعاملات، فسجن في دمشق ونفي إلى القاهرة ثم نفي إلى الإسكندرية، ثم سجن في دمشق حتى مات في سجنه رحمه الله تعالى.
وسجن مع ابن تيمية (وبسببه) تلميذُه العلامة ابن القيم رحمهما الله وأثابهما، وعُذِّب وأُهين فطيف به على جمل مضروبًا بالعصي. (أعلام الزِّرِكلي).
8- بل زاد على ظلم علماء وولاة العباسيين الثلاثة (المأمون والمعتصم والواثق) وفساد المعتقد وإلزام خيرة العلماء والولاة به (وقتلهم وإهانتهم ونفيهم عليه، وحارب الدين الدعوة والدولة التي جدد الله بها دينه للمرة الاولى منذ القرون الخيرة): السلطان العثماني المخرِّف محمود الثاني بن عبد الحميد الأول (لا رد الله سلطنته على الإسلام والمسلمين؛ فقد كان كل مِن سلفه وخلفه من السلاطين العثمانيين حُماةً للوثنية وما دونها من الابتداع في الدين، وظلمة دينًا ودنيا).
وإلى القارئ الكريم موجز لأسوأ ما كاد به المنتمون إلى الإسلام والسنةِ، السنةَ وأهلها، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا:
عندما مَنَّ الله على آل سعود فطهر بهم بيته الحرام من كل أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة سنة (1217هـ) وهي المرة الأولى بعد تطهيرها إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم ثم تطهيرها بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، استجابة لأمر الله تعالى خليله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]، انتصرت دولة الخرافة العثمانية للشرك الأكبر وما دونه من البدع وأهلهما، فأمرت محمد علي باشا (والي مصر) بالقضاء على دولة تجديد الدين والدعوة الأولى منذ القرون الخيرة، فبدأت حملات الغزو الوثني بقيادة أحمد طوسون منذ عام (1226)، ثم بقيادة إبراهيم باشا واستمرت بعد هزيمة الحملة الفرنسية حتى عام (1233) بنفاذ قدر الله الكوني بهدم الدرعية عاصمة الدولة والدعوة، وقتل أو نفي مئات العلماء والأمراء واستباحة الأموال والأعراض، وأصرَّ الطاغية العثماني محمود الثاني بن عبد الحميد الأول على أن تتلوَّث يده الآثمة بقتل الإمام عبد الله بن سعود بعد أن يشفي غِلَّه وحقده على الدعوة التجديدية بإذلال إمامها الرابع في مرحلتها الأولى، فأمر أن يُطاف به في عاصمة الضلال على حمار (وجهه إلى ذنبه) وبعد ثلاثة أيام احتفل الراعي والرعية وعلماء الضلال بانتصار الباطل على الحق، قُتل الإمام صبْرًا ثم صلب وقتل معه مرافقاه، ولم تهنأ شياطين الإنس والجن أكثر من عام، ثم بدأ الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود يعيد الدولة والدعوة بفضل الله رغم وجود الجيش الوثني في جزيرة العرب، وعادت بفضل الله في بضع سنين.
وقد أعان دولة الخرافة على عرقلة تجديد الدين أكثر المنتمين إلى الإسلام والسنة، ومن أبرزهم: أمير مكة غالب بن مساعد، وكان جزاؤه من ولاة العثمانيين: النفي من مكة ومن جزيرة العرب، وفيصل الدويش (الجد) شيخ مطير الذي كان نصيبه من الغدْر بدولة التجديد الأولى أشنع من محاربة حفيده فيصل الدويش دولة التجديد الثالثة، وكان جزاؤه من إبراهيم باشا أن لم يف بوعده له بإمارة الدرعية بل طالبه بدفع ضرائب خمس سنوات ماضية، فنفى نفسه في الأرطاوية، ولم يحاول الانتقام لنفسه فضلًا عن دين الله، كما أشار إلى ذلك (فِلِكْس مَنجان) في كتابه: (تاريخ مصر في عهد محمد علي).
(وللمقارنة: أبقت الدولة السعودية غالب بن مساعد في إمارة مكة واليًا لها، ولا يزال ما يسمى أوقاف الشريف غالب يَدُر آلاف الملايين على مَنْ وَرِثَه منذ ولى الله آل سعود على مكة وأنزل عليهم بركات من السماء والأرض، خاصة: منذ ولاية الملك عبد العزيز رحمه الله).
9- ولا يسهل إحصاء اعتداءات العلماء والأمراء والزعماء والأفراد المنتمين للإسلام والسنة على دعوة ودولة التجديد السعودية من خارج جزيرة العرب ومن داخلها منذ بعثها الله لتجديد دينه في منتصف القرن الثاني عشر، ومنهم من أطعمهم الله بها من جوع وآمنهم بها من خوف وعلمهم بها من جهل ووحدهم بها من فُرْقة.
10- ولا يزال المنتمون للإسلام والسنة (أكثرهم) يَدعُون غير الله من أصحاب القبور: (المقامات والمزارات وغيرها من الأوثان) ويطلبون منهم المدد، وينذرون ويذبحون لأوثانهم، ويطوفون بها، أوهم يرضون بذلك، أو لا ينكرونه ولو باللسان، وعلم القلب عند الله وحده، ومنهم الثوار في كل بلد عدا سلفيِّي ليبيا.
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في آخر ساعات حياته الكريمة يُحذِّر أمته ما صنع اليهود والنصارى من اتخاذ القبور مساجد؛ فقد سابقهم المنتمون للإسلام والسنة إلى ذلك، وأبرز مثل:
– تسلَّم المنتمون للإسلام والسنة كنيسة في دمشق حوَّلوها إلى ما سمي: الجامع الأموي، وبنوا في قبلته وثنًا باسم يحيى بن زكريا صلى الله عليه وسلم، ففعلوا من الوثنية ما لم يفعله النصارى.
– في مدينة الخليل في فلسطين فبنوا في الكنيسة وفوق المقبرة سبعة أوثان باسم إسحاق وزوجته (في قبلة المسجد الإبراهيمي ـ زعموا) وإبراهيم ويعقوب وزوجتيهما، ويوسف صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وطهرهم مما دنسهم به من يتقربون إلى الله بالوثنية.
– أوثان المنتمين للسنة في فلسطين عامة أكثر من أوثان اليهود والنصارى، وكل فئة ضالة، وقل مثل ذلك عن بقية بلاد الشام والعاق ومصر والسودان والمغرب العربي وفي أكثر بلاد القارة الآسيوية والإفريقية باستثناء مناطق الأغلبية البوذية والهندوسية.
11- واليوم يُعرقل الحزبيون والحركيون والفكريون والمتصوفة المبتدعة المنتمون للإسلام والسنة محاولة السلفيين رد الناس إلى منهاج النبوة في الدين والدعوة، والسلفيون هم القليل ـ كما وصف الله خير خلقه ـ وهم الثابتون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم الباقون إلى يوم القيامة.
ويظن بعض سُكارى الفكر أنه قضي على السلفية والسلفيين بفوز مرشح حزب الإخوان المبتدع برئاسة جمهورية مصر، ولو كان لفوز حزب ضال بولاية محدودة الزمان والمكان أثر على وجود السلفيين لزالوا منذ نهاية القرون الخيرة، ولكن: (لا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم أو حاربهم، وهم أتباع السلف).
ويشمت بعض سُكارى الفكر بالسلفيين لموت الأمير نايف رحمه الله (أمير السنة وراعي دعوة الحق السلفية)، وكل ولاة آل سعود كذلك.
ويتساءل بعض سُكارى الفكر هل سيجيز السلفيون الخروج على مرشح الإخوان للرئاسة؟ الجواب: لا، ولكنهم جادون في تغيير منكرات الحزب. (مكة المباركة، الأول من رمضان 1433).