عاشوراء
الحمد الله رب العالمين وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين:
أما بعد فإننا في يوم عاشوراء نتذكر خمسة أمور:
1- رحمة الله عز وجل بأن جعل لنا مواسم تزداد فيها الحسنات وتكفر فيها السيئات، مثل صيام يوم عرفة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة..إلخ وصيام يوم عاشوراء من هذه المواسم فسارعوا إلى الخير،(فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية)رواه مسلم.
2- أن العاقبة للمتقين الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وإن تغلب وتسلط أهل الباطل في فترة من الزمن، ففي هذا اليوم أنجى الله موسى والذين آمنوا معه، وأغرق فرعون وجنوده في اليم،عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه مسلم في صحيحه.
تأمل قوله تعالى{ وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) } الأعراف(وتدبر الآيات من 104 إلى 137 من هذه السورة).
3- أن شكر الله يكون بعبادته واستعمال نعمه بأداء الفرائض والإكثار من النوافل كالصلاة والصيام والذكر والصدقة وصلة الأرحام وغيرها من العبادات المشروعة، فالنبي صلى الله عليه وسلم شكر الله بعبادة الصيام في هذا اليوم ونحن نستن به، ففي صحيح مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ). قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين[يوم عاشوراء العاشر من المحرم هو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فكان اليهود يصومونه شكرا لله على هذه النعمة العظيمة أن الله أنجى جنده وهزم جند الشيطان أنجى موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فهو نعمة عظيمة ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن ذلك فقالوا: هذا يوم نجا الله موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فنصومه شكرا لله فقال: نحن أولى بموسى منكم لماذا لأن النبي والذين معه أولى الناس بالأنبياء السابقين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين أمنوا والله ولي المؤمنين فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بموسى من اليهود لأن اليهود كفروا به وكفروا بعيسى وكفروا بمحمد فصامه وأمر الناس بصيامه].
وشكر الله جل وعلا على نعمه سبب للنجاة من العذاب، تدبر قوله تعالى { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35)}، والشكر سبب للزيادة تدبر قوله تعالى { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 7].
4- بضدها تتميز الأشياء فبالعمى تعرف نعمة البصر، وبالمرض تعرف نعمة الصحة، وبالفقر تعرف نعمة الغنى، ونحن في يوم عاشوراء نتذكر نعمة الله علينا فقد هدانا للعمل فيه وفق سنة نبيه صلى الله عليه وسلم مخلصين متبعين، بخلاف الرافضة الذين يشركون ويبتدعون في هذا اليوم، فالحمد لله الذي عافانا، اللهم اهدنا لصراطك المستقيم وثبتنا عليه يارب العالمين.
5- أننا نهينا عن التشبه باليهود والنصارى والكفار، فقد (ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « بعثت بين يدي الساعة بالسيف؛ حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم » (1) ، رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وابن أبي شيبة وعبد بن حميد قال الهيثمي : فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وثقه ابن المديني وأبو حاتم ، وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات، وعلقه البخاري في الجهاد، وقال ابن تيمية : سنده جيد. فهذا الحديث في النهي عن التشبه بغير جماعة المسلمين، فيدخل فيه النهي عن التشبه باليهود والنصارى عموما في كل ما هو من سيماهم) انظر فتاوى اللجنة الدائمة.
وقد خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحج وفي اللباس وأمر بتوفير اللحية مخالفة لهم، وفي يوم عاشوراء أراد صلى الله عليه وسلم مخالفة اليهود في صيامه بأن يصوم معه التاسع، روى مسلم في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ.).
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما، اللهم فقهنا في الدين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فايز بن مساعد الحربي
الرياض 7/1/1433هـ