خلق الإنسان لعبادة الله لا لعبادة غيره
أن مهمة الإنسان في هذا الوجود ورسالته في هذه الحياة هي معرفة الله تعالى وعبادته جل وعلى) هي: أن يعبدالله الذي خلقه فسواه فعدله وشق سمعه وبصره ونفخ فيه من روحه وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنه الله خلق الإنسان ليطيعه وليمتثل أمره ويجتنب نهيه . ويقيم دينه في الأرض فمن فعل ذلك إيمانا واحتسابا كان عابدا لله سبحانه وتعالى . لأن العمل يكون عبادة لله بشرط الإيمان والاحتساب لا عادة ولا مجاملة أو مسايرة للمجتمع .
..:
وما هي العبادة في الإسلام التي خلق الإنسان لأجلها ؟العبادة في الإسلام هي :هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج، وصدق الحديث وأداء الأمانة، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة، وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة لله. وهي الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى مع غاية الحب له جل وعلى والخوف والخشية واتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أصل العبودية الخضوع والذل. من تذلل وخضع لغير الله فقد عبده. ومن أطاع أحدا ما في تحليل الحرام أو تحريم الحلال فقد عبده والعياذ بالله يقول تعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله أي : علماءهم وقراءهم ، والأحبار : العلماء ، واحدها حبر والرهبان من النصارى أصحاب الصوامع فإن قيل : إنهم لم يعبدوا الأحبار والرهبان؟ قلنا : معناه أنهم أطاعوهم في معصية الله واستحلوا ما أحلوا وحرموا ما حرموا ، فاتخذوهم كالأرباب
. روي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي : ” يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك ” ، فطرحته ثم انتهيت إليه وهو يقرأ : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) حتى فرغ منها ، قلت له : إنا لسنا نعبدهم ، فقال : ” أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتستحلونه ” ؟ قال قلت : بلى ، قال : ” فتلك عبادتهم ” . لماذا ؟ لأنهم حللو لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاطاعوهم. فكانت هذه الطاعه عبادة لهم . وعليه. العبادة.التى هى الطاعة المطلقه لاتكون الا لله تعالى وبالمناسبة أقول :للحزبيين وللمريدين “اتباع الشيوخ ” طاعتكم لمشايخكم وزعمائكم فيما لم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ضلال. بل ذلك اتباع للهوى يقول تعالى :فان لم يستجيبو لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم…سئل شيخ الإسلام عن العبادة التى أمر الله بها بقوله تعالى يأيها الناس اعبدو ربكم الذى خلقكم..الآية فقال : الخضوع الكل لله سبحانه وتعالى والطاعة المطلقة مع حب له جل وعلى واتباع لرسوله محمد صلى اله عليه وسلم . فيفهم من هذا أن العبادة لله التى خلق الانسان لأجلها هى:الالتزام بما شرعه الله ودعا إليه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أمرا ونهيا تحليلا وتحريما فهذا هو الذى يمثل عنصر الطاعة والخضوع لله سبحانه وتعالى. أما أن يطيع الإنسان الله فيما يناسب ذوقه ويخالفه فيما لايناسب هواه.!!! فهذا ليس عابد لله بل هو عابد لهواه يقول تعالى في مثل هؤلاء :فان لم يستجيبو لك فاعلم انما يتبعون أهواءهم ..الآية . فإن سبب نزولها أن اليهود كانوا يطبقون بعض أحكام التوارة التي توافق هواهم ويتركون تطبيق الأحكام التي لا توافق هواهم، فوبخهم الله تعالى على ذلك في محكم كتابه، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فكل من آمن ببعض كتاب من كتب الله السماوية ورفض بعضه فإن الآية الكريمة تصدق فيه وتدل عليه. وجزاؤه الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة سواء كان يهوديا أو نصرانياً أو يدعي أنه مسلم، أما من كان عابدا لله محبا له لزمه أن يتبع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فيصدقه فيما أخبر ويطيعه فيما أمر ويجتنب ما نهى عنه وزجر وأن لايعبد الله إلا بما شرع.
أما أن يطيع ا لإنسان شيخه فيما يمليه عليه شيطانه وهواه هذا ليس من التعبد لله في شيء. فالطاعة المطلقة لا تكون إلا لله ولرسوله يقول تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ( 31 ) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ” ولهذا قال : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) أي : يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه ، وهو محبته إياكم ، وهو أعظم من الأول ، كما قال بعض الحكماء العلماء : ليس الشأن أن تحب ، إنما الشأن أن تحب ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثناعبيد الله بن موسى عن عبد الأعلى بن أعين ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عروة ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “وهل الدين إلا الحب والبغض ؟ قال الله تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) قال أبو زرعة : عبد الأعلى هذا منكر الحديث .
ثم قال : ( ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) أي : باتباعكم للرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا كله ببركة سفارته .
ثم قال آمرا لكل أحد من خاص وعا قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا أي : خالفوا عن أمره ( فإن الله لا يحب الكافرين ) فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر ، والله لا يحب من اتصف بذلك ، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب لله ويتقرب إليه ، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس الذي لو كان الأنبياء – بل المرسلون ، بل أولو العزم منهم – في زمانه لما وسعهم إلا إتباعه ، والدخول في طاعته ، وإتباع شريعتهالآية [ آل عمران : 31 ]تفسير ابن كثير
) من يطع الرسول فقد اطاع الله ويقول صلى الله عليه وسلم :كل أمتي يدخلون الجنة إلامن أبى قالو: ومن يأبى يارسول الله ؟قال :من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى .
فعلى المسلم أن يزن عمله بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فما وافقهما فهو تعبد لله وما خالفهما فهو بدعة والرسول صلى الله عليه وسلم قال : كل بدعة ضلالة…الحديث ..ويقول الشيخ عبيد الجابري حفظه الله في شرحه لابن ماجه في تجريد الاخلاص وتجريد المتابعة من عمل على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لم يجرد الاخلاص لله فهو مشرك وإن اخلص لله في العمل ولكن لم يكن تابعا للنبي صار مبتدعا”
ومن المؤسف الشديد أن الحزبيين يزنون أعمالهم بدستور حزبهم، والصوفيه يزنون أعمالهم بما يمليه عليهم شيخهم!!! وإذا قلت لأحدهم : العلماء يقولون هذا مخالف للشرع، قالو :العلماء عندهم علم الشريعة وشيوخنا عندهم علم الحقيقة يالها من حماقة فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
وبالجملة :العبادة في الإسلام إسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة بشرطين وهما : الصواب والإخلاص .
مثلا : فالصلاة عبادة و مافيها من ركوع وسجود ورفع.. بل كل حركاتها تعبد لله سبحانه وتعالى والصيام والزكاة كل ذالك عبادة. والحج والعمرة وما فيهما من شعائر ونسك عبادة . وأيضا الخشية والخوف من الله سبحانه وتعالى عبادة. ولذا قال تعالى :فلا تخافوهم وخافونى إن كنتم مؤمنين. وقال: فلا تخشوا الناس واخشوني.وعليه : العبادة التي خلق الإنسان لأجلها تشمل عبادة الخالق والإحسان إلى المخلوق فأداء الواجبات والفرائض والأركان عبادة لله سبحانه وتعالى وإقامة الشعائر عبادة لله .. والإنسان مطالب بعبادة ربه بكل ما تتسع له كلمة العبادة. فعلى الإنسان ان يعلم ان الله رسم له منهجا يمشى عليه يقول تعالى: فإما ياتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلايضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا …
. من العبادة لله. الصبر لحكمه والرضى بقضائه وقدره. والشكر لنعمه. والتوكل عليه فى كل الأمور. يقول تعالى :فاعبده وتوكل عليه :ويقول :وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ويقول تعالى:إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون. والتوكل معناه :الإعتماد على الله .وعلى ربهم يتوكلون.أى يعتمدون على الله في كل أمورهم . وأيضا الإستعانة عبادة فلا تكون إلا بالله قال الله تعالى حكاية عن مقولة موسى لقومه : وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا .وفى الحديث إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ..والمؤمن في كل ركعة في الصلاة يقول :إياك نعبد وإياك نستعين ..
والذبح أيضا عبادة لله فمن أراد أن يذبح بهيمة مّا. فليذبحها لله . ولا يذبح لغير الله ولا في مكان يُذبح فيه لغير الله .
لا على قبر, ولا على بئر,ولا على عتبة دار,ولا على مصروع.أو مجنون بل الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من ذبح لغير الله .. وفي القران الكريم : قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ..
والحلف عبادة لله فلا يكون الحلف إلا بالله ومن حُلف له بالله فليصدق ومن حَلف بغير الله فقد أشرك .
وأيضا الذكر والاستغفار والتكبير والتهليل كل هذا عبادة جوارح لله. بشرط الإقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم , وحسن المعاملة والرحمة والشفقة بالمخلوقات كلها عبادة لله سبحانه وتعالى .
والله الموفق والهادي إلى الصراط المستقيم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما والحمد لله رب العالمين
كتبته ميثه مفتاح الشامسي
العين – الامارات العربية المتحدة
11-ذي القعده -1430