فضل قتال الخوارج
الحارث بن سراج الزهراني
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما)
أما بعد :
فإن من أعظم الجهاد، وأجله قدراً، وأكثره أجراً : قتال الخوارج ، فقد تواردت الأحاديث الصحيحة الدالة على فضل قتالهم، وعظم أجر من يقاتلهم.
فعن أبي سعيد الخدري ، وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : (( سيكون في أمتي اختلاف و فرقه ؛ قوم يحسنونَ القيلَ ، ويسيئون الفعلَ ، يقرءونَ القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرّميّة ، لا يرجعون حتى يرتد على فُوقِهِ ؛ هم شر الخلق والخليقةِ ، طُوبى لمن قتلهم وقتلوه ، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ، من قاتلهم كان أولى بالله منهم ))
وعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر ” و فيه ” فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس فقال : اتق الله يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فمن يطع الله إن عصيته ؟ أيأمنُنى الله على أهل الارض و لا تأمنوني؟) قال ثم أدبر الرجل فاستأذن رجل من القوم في قتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن من ضئضئ هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ،يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان. يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ).
وعن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة) .
ولك أيها المسلم أن تتعجب من حال الخوارج في زماننا ، يدّعون نصرة الإسلام ، والدفاع عنه، وتجدهم يجرمون ويخططون ويكيدون ببلاد التوحيد، بلاد السنة والحكم بالشريعة، حامية الحرمين وخادمتهما، وناصرة قضايا أهل الإسلام في كل بقاع الأرض، في حين أن دولة يهود ودولة الرفض إيران في مأمن من مخططاتهم وتفجيراتهم، إلا أنه يزول عجبك وينقضي إذا تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم عنهم ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان).
عباد الله: إنه مما يسر المسلم ما وفق الله إليه دولتنا من العمليات الاستباقية ، التي أطاحت بعناصر إرهابية كانت تخطط للتفجير في بلادنا، فهذا نصر من الله وفتح، فالحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركاً فيه.
ولنا أن نقف مع هذا الحدث بعض الوقفات على عجالة:
الوقفة الأولى: أن الخوارج لازالوا يعملون الليل مع النهار للنيل من بلادنا، ويسعون في خرابها، فالواجب علينا سواء كنا دعاة أو خطباء أو مربين ، بل وعلى كل مواطن أن نكون لهم بالمرصاد، وأن نقطع عليهم كل طريق يحاولون الولوج إليه، فلا نسمح لأحد أن يتكلم في ولاة أمورنا في مجالسنا العامة والخاصة، ونسعى في تبصير الناشئة بخطر عقيدة الخوارج مستندين على أدلة الوحيين، وأن نقف صفّاً واحداً مع ولاة أمورنا وعلمائنا، فإن ذلك مما يضعف كيد المتربصين والشانئين.
الوقفة الثانية: كثيراً ما يستغل هؤلاء الخوارج الشبابَ الصغار وأهل الجهل والحماسة المفرطة، فعلى كل مربٍّ أن يقوم بدوره في المحافظة على هؤلاء الشباب بتوجيههم التوجيه الصحيح ، وليس ثمة سلاح أقوى من سلاح العلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة، كما ينبغي للوالدين أن يكونوا قريبين من أبنائهم، لا يتركون لهم الحبل على الغارب ، يذهبون مع من شاءوا، ويخرجون ويدخلون متى ما شاءوا، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعنا بما فيهما من العلم والحكمة، أقول ما سمعتم وأستغفر الله فاستغفروه إن ربي غفور رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له توفيقه وامتنانه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ،أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله ، وتذكروا أننا نعيش أمناً قلّ نظيره في سائر البلدان، ورغدا في العيش حُرِم منه كثير من الناس، فالواجب علينا أن نشكر النعمة، ونقوم بحقها، ونحذر غاية الحذر من أسباب زوالها ، ومن أعظم أسباب زوال النعم وحلول النقم : الوقوع في المعاصي والمجاهرة بها ، قال الله تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)
وإننا نحمد الله ونشكره على آلائه التي امتن بها علينا ، ( أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون)
ثم نشكر رجال الأمن الأشاوس الذين يسهرون ويرابطون حماية للدين والمقدسات والأنفس والأعراض، فكم لهم علينا من الأيادي البيضاء التي لا نستطيع مجازاتهم بها، فلا أقل من دعوة صادقة، فاللهم اجزهم عنا وعن بلادنا خير الجزاء وأوفاه، وتقبل من قتل منهم في الشهداء يا رب العالمين.
ثم اعلموا رحمكم الله أن الله أمركم بالصلاة على نبيه فقال في محكم التنزيل 🙁 إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحم حوزة الدين وأذل الشرك والمشركين
اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه.
اللهم احفظ جنودنا المرابطين وانصرهم واكلأهم برعايتك يا رب العالمين.
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين)