خطبة عن المرأة
الحمدُ لله الكبيرِ المتعالِ، ذو العزِّ والكمالِ، وأشهد أن لا إله إلا هو سبحانه المُنَزَّهِ عن النقصِ والزوالِ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم – خير الخلق والرجال، ورفع عنا الإصر والأغلال فصلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
عباد الله، إنهم أول من نقض العهد مع رسول الله من بني جنسهم كما قال الحافظ ابن حجر فحاربهم في شوال بعد وقعة بدر فنزلوا على حكمه وأراد قتلهم فاستوهبهم منه عبد الله بن أبي وكانوا حلفاءه فأخرجهم من المدينة إلى أذرعات ، أولئك هم يهود بنو قينقاع .
وسبب ذلك ما ذكره ابن هشام في السيرة وابن كثير في البداية وابن الأثير في الكامل أن امرأة من العرب قدِمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يراودونها على كشف وجهها فأبت؛ فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديًا، وشدت يهود على المسلم فقتلوه، فحاصرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلوا على حكمه .
إنه غيظ يهود على صيانة المسلمة وحجابها ، جعله الله سببًا مباشرًا في إجلائهم عن المدينة، وبإذن الله يكون عدوانهم على عفاف المسلمات في يومنا الحاضر سببًا لجلاء دعوات العلمانية والتغريب عن عقول أبنائنا، وبعدها سوف نتمكن بسهولة من إجلاء اليهود عن ديارنا. إن دعاية المظللين، وأفكار المنحرفين، من بيننا اليوم ما هي إلا تدمير لمجتمعنا ، فهم أدوات مأجورة وأصوات مسعورة لتمرد المرأة عن آدابها وأخلاقها، وإخراج لها عن مهمتها في الحياة، بدعوى تحريرها، وهو في الحقيقة من استعباد لها .
عباد الله : قبل الإسلام كانت المرأة سلعة تُباع وتُشترى، يُتشاءم منها وتُزدرى، تُبَاع كالبهيمة والمتاع، تُكْرَه على الزواج والبِغَاء، تُورث ولا تَرث، تُملَك ولا تَمْلِك، واستمرت تلكم الجاهليات وتعددت الى يومنا هذا في بلاد الانحلال الخلقي .
وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مدة ليست باليسيرة يقول: {إنما النساء شقائق الرجال} وبعدها صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته الشهيرة: {استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عَوَان} يعني: أسيرات .
ثم يقول صلى الله عليه وسلم رافعاً شأن المرأة، وشأن من المهتم ؛ خياركم خياركم لنسائهم: {خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي}
يقول صلوات الله وسلامه عليه: {من عَالَ جاريتيْن حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضمَّ بين أصابعه صلوات الله وسلامه عليه}
جاء الاسلام ورسم ما لها وما عليها من واجبات وحقوق، فهي مساوية للرجل في التكريم، قال ربنا: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾
فإن كانت أُمّاً فلها حق البر والإحسان والعناية، وحسنُ المصاحبة، إكراما لأمومتها، وجزاء ما تعانيه وتتحمله في سبيل أولادها، قال ربنا سبحانه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾
وإن كانت زوجة جعل لها حقوقا عظيمة على زوجها، من المعاشرة والمعاملة بالمعروف والإحسان والرفق بها، قال سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ وقال في خطاب ملؤه العاطفة: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
وإن كانت بنتا أوجب تربيتها ورعايتها، أو أختا رغّب في إكرامها والإحسان إليها، ففي الحديث الصحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس أحدٌ من أُمَّتِي يَعولُ ثلاثَ بَناتٍ، أوْ ثلاثَ أخَواتٍ، فيُحسِنُ إليهِنَّ إلا كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ).
كما أنها مساوية للرجل في التكاليف والعطاء، والثواب والجزاء، قال جل وعلا: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾
كما ضمن لها ربنا الحياة السعيدة إن هي امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه كالرجل تماما، قال سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
جاءت عناية الإسلام بالمجتمع بمنع الاختلاط بين الرجال والنساء في أيِّ مجال وفي أيِّ شأن، ذلكم أنه وباءٌ خطير، ما أصيبَ به مجتمع إلا ودبَّ فيه الشرُّ والفساد .
إن تحرير المرأة الصحيح هو ما جاء به الإسلام ،فأمرها بآداب عظيمة حمايةً لها، أمرها بالقرار في البيت فلا تخرج إلا لحاجة مع التستر والاحتشام قال الله سبحانه لنساء نبيه وهم القدوة لنساء المؤمنين:(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إيماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات)، ففي بيتها عمل عظيم إذا قامت به أخذت وقتها، فهي التي تحمل وتضع وترضع وتربي وتقوم بأعمال البيت وتحافظ على غياب زوجها:( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)، فهي راعية في بيت زوجها، فإذا ما أخرجت من بيتها وشغلت بأعمال الرجال فإن نصف المجتمع يبقى معطلاً وهو عمل البيت .
لقد عرف أعداءُ الإسلام ما يحمله هذا الدين للمرأة من كرامةٍ وصيانة، ضاقوا بذلك ذرعاً، فراحوا بكلِّ وسيلة وسعوا بكل طريقة ليخرجوا المرأةَ من بيتها وقرارِها المكين وظلِّها الأمين، لتطلق لنفسها حينئذ العنانَ لكل شاردةٍ وواردة .
وعلى الرغم من أن الإسلام احترم المرأة وأعلى مكانتها وأعطاها من الحقوق ما يليق بخلقتها وبقدرتها كيف لا والمشرع هو خالقها(أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ ) إلا أن أعداء الإسلام من اليهود وأذنابهم والنصارى ومقلديهم ومحبيهم، والعلمانيين الحاقدين، لا يروق لهم وضعُ المرأة في الإسلام، فهم لمّا علموا وأيقنوا أنهم لن يستطيعوا ضرب الإسلام وتقويض حصونه من الداخل إلا بإخراج المرأة من بيتها بل إخراجها عن طبيعتها وأصل خلقتها (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى ٱلْحِلْيَةِ) أرادوها أن تزاحم الرجل في كل ميادين الحياة ،تزاحمه في تجارته، وفي عمله ، بل حتى في سيارته، وتنقله.
جاءت جاهليتهم في صورة المشفق ، وهم يريدون منها أن تكون عاهرة، سافرة، فاجرة.
فإنها إن باعت عفَّتها، وأهدرت حياءها ، كاسية عارية، مائلة مُمِيلة، لا تجد عرف الجنة.
فالحذر أن تصغي بأذنها إلى دعاة أبواب جهنم ، وقانا الله وإيكم شرهم ، وحصن نساءنا عن الفتن .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه أما بعد تفكروا عباد الله فيما يراد بكم ولا تهلكوا كما هلك من كان قبلكم قال صلى الله عليه وسلم:( واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت النساء)، وقال صلى الله عليه وسلم:(ما ترك بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء)، يردون من المرأة أن تسافر وحدها بدون محرم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا ومعه ذو محرم)، لأنها عرضت للذئاب البشرية يفترسونها إذا وجدنها لوحدها، أما إذا كان معها وليها ومحرمها فإنه يصونها ويخدمها ويقوم بمصالحها ويحافظ عليها .
معاشرَ المسلمين، المكانةُ الاجتماعية للمرأة في الإسلام محفوظةٌ مرموقة، منحها الحقوقَ والدفاعَ عنها والمطالبةَ برفع ما قد يقع عليها من حرمان أو إهمال، يقول صلى الله عليه وسلم : (إن لصاحب الحق مقالاً).
أعطاها حقَّ الاختيار في حياتها الزوجية، قال جل وعلا: (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ )، وقال صلى الله عليه وسلم :(لا تُنكح الأيم حتى تُستأمَر، ولا البكر حتى تستأذَن في نفسها).
المرأةُ في نظر الإسلام أهلٌ للثقة ومحلٌّ للاستشارة، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكملُ الناس علما وأتمُّهم رأيًا يشاور نساءَه ويستشيرهن في مناسبات شتى ومسائل عظمى.
هذا وصلّوا وسلِّموا على خير البريّة كما أمركم ربكم ،صلى الله عليه وسلم .
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ، وأذلَّ الشركَ والمشركين.
اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ في كل مكان, اللَّهُمَّ احقن دِمَاءَهُمْ واحْفَظْ أَمْوَالَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ, اللَّهُمَّ عليك بكل عدو للإسلام والمسلمين ، يا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللهم اجعل لإخواننا في اليمن وسوريا فرجا و مخرجا ، اجعل لهم فرجا و مخرجا ، اجعل لهم فرجا و مخرجا ، اللهم و احقن دماءهم ، و احفظ أعراضهم ، و آمنهم في وطنهم ، اللهم و اكشف عنهم البلاء اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيْنَا دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلادَنَا ومُقَدَّسَاتِنَا أَوْ أَرَادَ وُلَاةَ أَمْرِنَا وعُلَمَاءَنَا ورجال أمننا أَوْ أَرَادَ شَبَابَنَا وَنِسَاءَنَا بِسُوءٍ اللَّهُمَّ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، واجعلْ تدميرهُ في تدبيره.
اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب أهزم الحوثين المعتدين وعجل زوالهم .
وامنن على عبادك عسكر الاسلام وجند التوحيد بصبر ونصر ، اللهم قوِّ عزائمهم , واربط على قلوبهم برحمتك يا أرحم الراحمين .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
أحمد آل عبد الله