يقول السائل: هل الشخص يُعذَر بالجهل في الشرك الأكبر؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إنه لا يصح بحال أن يُطلَق الإعذار في كل مسألة، ولكل شخص، ولا في المقابل يطلق عدم الإعذار، بل لابد من التفصيل في هذه المسألة.
ففرق بين المفرِّط وغير المفرِّط، فالمفرَّط ليس معذورًا في ارتكاب المحرمات الشرعية، كما أفاد هذا ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه “التمهيد”، ويدل عليه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وكلام القرافي، وابن اللحام في “القواعد”.
فإذًا لا بد أن يفرَّق بين المفرِّط وغير المفرِّط، إلى غير ذلك.
ثم إذا فُسر الأمر في ذلك، فإن مما ينبغي أن يُعلَم أنه لا ينبغي لأهل السنة أن يختلفوا في مثل هذه المسألة، وأن يعادي بعضهم بعضًا.
فمن رأى الإعذار في مسائل، وفرَّق بين المفرِّط وغير المفرِّط، فلا يصح لغيره أن يشنع عليه، ولا يصح له أن يشنع على من خالفه، فإن هذه المسائل قد اختلف فيها علماء السنة المعاصرون ومن سبق.
وكلام العلماء في ذلك كثير، لذا نص شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى كما في تعليقاته على كتاب “تيسير العزيز الحميد”، وكذلك شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في فتاواه، والشيخ العلامة عبد المحسن العباد، والشيخ العلامة مقبل الوادعي رحم الله الحي والميت على أن الخلاف في هذه المسألة خلاف سائغ.
ونص شيخنا ابن عثيمين في أكثر من موضع من فتاواه المطبوعة على أن الخلاف في هذه المسائل كالخلاف في بقية المسائل الفقهية.
فالمقصود من هذا لا يهمني كثيرًا ذكر الراجح في هذه المسألة، بقدر ما يهمني ألَّا يتنازع أهل السنة في أمثال هذه المسائل، فإن الذي يسوغ الاجتهاد فيه لا يصح لأهل السنة أن يتنازعوا، وأن يتعادوا من أجله، أسأل الله أن يجمع قلوب الجميع على التقوى؛ إنه الرحمن الرحيم.