يقول السائل: هل يصح الاستعاذة عند التثاؤب، والحمد عند التجشؤ؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن العبادات توقيفية، وإن جعل سببٍ لذكر وهذا السبب لم يثبت في الشرع، فإن مثل هذا بدعة ولا يجوز فعله، كما قرَّر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “القواعد النورانية”، وكما في المواضع من “مجموع الفتاوى”، وذكره في كتابه “الاقتضاء”، وذكر هذا الإمام ابن القيم في كتابه “إعلام الموقعين”، وكتابه “زاد المعاد”، وذكره الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه “الاعتصام”.
فجعل التجشؤ سببًا للحمد، أو التثاؤب سببا للاستعاذة من الشيطان الرجيم، مثل هذا لا يصح فعله، ولا دليل عليه، ولو كان خيرًا لسبق إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صحابته الكرام، فلما لم يفعلوه دل على أنه ليس دينًا ولا شرعًا يحبه الله.
وقد ذكر شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى أن مثل هذا لا يُشرَع، لذا أدعو المسلمين أن لا يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم عند التثاؤب، وأن لا يقولوا: الحمد لله بعد التجشؤ، وأن يتقوا الله وليدعوا مثل هذا.
أما عند العطاس فيستحب الحمدلة، قال صلى الله عليه وسلم: كما في الصحيحين «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له صاحبه أخوه…»، الحديث في البخاري بهذا اللفظ وعند مسلم بمعناه، فإذًا يقتصر على مثل هذا الذي جاءت به الشريعة.
ثم ينبغي أن يعلم أنه لا يصح لنا أن نتعبد بالعبادات التي تؤخذ عن الآباء والأجداد مطلقًا، والتي ترجع إلى العادات والأعراف، فإن كثيرًا من البدع دخلت في الشريعة بمثل هذا، وينبغي أن يوزن ما يؤخذ عن الآباء والأجداد، وما تأتي به العادات والأعراف بميزان الكتاب والسنة، كما قال سبحانه: { وأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } [التغابن:12]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء:59].