يقول السائل: ما الطريق الأنفع في أخذ علم الفقه، على كتب الحديث، أم على كتب الفقه؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: الأظهر -والله أعلم- أن التفقه عن طريق المتون الفقهية أنفع بكثير من التفقه عن طريق الكتب الحديثية، وذلك يرجع إلى أمور:
الأمر الأول: أن الكتب الفقهية تجمع المسائل في جهة واحدة، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: أن الكتب الفقهية ترتب المسائل، أما كتب الأحاديث فليست كذلك، فمن درس حديث: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته»، سيدرس أحكام المياه وأحكام ميتات البحر، وهذا بخلاف الكتب الفقهية فإنها ترتب المسائل، وتجعل المسائل في جهة واحدة.
وأيضًا الكتب الفقهية هي مجموع اجتهادات العلماء في استنباط الأحكام من الأدلة، سواء من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس الصحيح، أو قول الصحابي، أو لعرف، أو لاستصحاب أو غير ذلك.
وهذا بخلاف كتب الحديث، فإنها مقتصرة على دليل واحد، وهو السنة النبوية.
وأيضًا الكتب الفقهية فيها ترتيب ذكر الشروط، والواجبات، والأركان، والموانع، بحسبها، وبحسب المسائل، وهذا بخلاف الكتب الحديثية.
فالتفقه على الكتب الفقهية أنفع بكثير مع التنبيه إلى أن المتفقه عليه أن يدرسها كفهرس للمسائل، لا يتعصب للمذهب الذي يقرأ المتون ويدرس متنه، سواء كان المذهب الحنفي، أو المالكي، أو الشافعي، أو الحنبلي، وإنما يدرس هذه المسائل دراسة فهرسٍ لجمع المسائل، فيتصور المسألة ويعرف دليلها، ثم ينظر في الدليل هل هو صحيح أو غير صحيح، وينظر إلى الأدلة التي ترجح هذا القول، أو تبين أنه مرجوح.
وأنصح الطالب في أول دراسته يدرس على شيخ يتميز بحسن تصوير المسائل وبالاعتناء بالدليل، ثم بعد ذلك إذا درس بهذه الطريقة، ودرس علم أصول الفقه يستطيع أن يبحث المسائل، ويرجِّح ويبيِّن على طريقة أهل العلم.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.