يقول السائل: هل القُرْبُ الذي يُثبَت لله قُربٌ واحد وهو العام؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن القرب الذي يثبت لله سبحانه قربان، قرب عام وقرب خاص، ودليل القرب العام قوله سبحانه: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16].
فقد فسروا السلف هذا بأنه القرب العام، وأن المراد به قرب الله سبحانه، ذكر هذا حرب الكرماني في كتابه “السنة”، وذكره غير واحد من أئمة السنة، ولم أر في كلام السلف الماضين تفسير هذا إلا بالقرب العام.
ولم أر في كلام السلف الأولين أنهم فسروا القرب هنا بقرب الملائكة، وإنما رأيت هذا عند بعض المتأخرين، أما كلام السلف الأولين فإنه كثير في أن القرب المذكور في هذه الآية هو قرب الله سبحانه.
والقرب الثاني: القرب الخاص، ومنه قوله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186].
فإذًا القرب نوعان:
قرب عام لكل إنسان سواء كان مسلمًا أو كافرًا، ولازم هذا القرب العلم والإحاطة وغير ذلك.
والقرب الثاني: القرب الخاص، وهو القرب لأهل الإيمان والتقوى، ولازمه النصر والتأييد إلى غير ذلك.
فإذًا يقسم القرب إلى قسمين، كما أن المعية تقسم إلى قسمين.