يقول السائل: ذهب الحنابلة إلى صحة النيابة في طواف الإفاضة والوداع في حج النفل، ما وجه ذلك؟ وما صحته؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: هذا مبني على مسألة عند الحنابلة، وهو أن الحج النفل وعمرة النفل يصح الوكالة في جزء منها، والوكالة تتبعض، بمعنى: لنفرض أن رجلًا في حج نفل وقف عرفة، ثم دفع من عرفة إلى مزدلفة، بعد ذلك أناب غيره، فدفع من عرفة إلى مزدلفة صح عند الحنابلة.
ودليلهم: أنه كما صح في حج النفل كله فيصح في بعضه، على هذا اعتمد الحنابلة، بخلاف الحج الواجب، فإن القادر بدنيًا وماليًا لا يصح له أن ينيب غيره في الحج الفرض، بإجماع أهل العلم، وبقول ابن عمر: «لا يحج أحد عن أحد».
لذلك لم تصح الإنابة في الحج كله، فكذلك فلما لم تصح الإنابة في الحج كله تصح في بعضه، فالمقصود أن الحنابلة بنوه على هذا الأصل.
وهذا الأصل فيه نظر – والله أعلم-؛ لأنه لا يلزم من صحة الإنابة في العبادة كلها أن تصح الإنابة في بعضها.
والقول بالصحة في بعضها يحتاج إلى دليل، وهذا العبادات الأصل فيها المنع والحظر، ولا يجوز منها إلا ما دل الدليل على ذلك، وليس هناك دليل فيما أعلم يجيز الإنابة في بعض العبادة.
وقولهم: بأنه ما صحت الإنابة في العبادة كلها صحت الإنابة في بعضها، هذا فيه نظر، يحتاج إلى دليل شرعي، لاسيما والذي يريد أن ينيب بعضها قد ابتدأ بالحج أو العمرة، ثم يريد أن يخرج من إحرامه، وأن يعطي غيره، ويكمل ذلك، والله يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فهذا القول فيه نظر، ولا يصح – والله أعلم-.