يقول السائل: ما الفرق بين الفراسة وادعاء علم الأولياء ما في القلوب عند الصوفية؟
الجواب:
يقال: ينبغي أن يُعلم أن الفراسة عند أهل السنة أقسام ثلاثة:
القسم الأول: الفراسة الخلقية، وذلك أن يُستدل بأمور خلقها الله في الإنسان على أمور في طبعه وعادته، كما يقال: إذا كان الرجل كبير الرأس فهو يدل على ذكائه، وإذا كان بعيد ما بين المنكبين فهو يدل على حلمه، إلى غير ذلك.
القسم الثاني: الفراسة التي تكون بالتدريب والكسب، وذلك أنهم يقولون: إذا جاع الرجل جوعًا غير شديد فإنه يحتد ذكاؤه وفهمه، وهذا نوع من أنواع الفراسة.
القسم الثالث: الفراسة الدينية، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: 75] قال جماعة من السلف كمجاهد وغيره: هي الفراسة.
وذلك أن يُوقع الله في قلب العبد شيئًا يعلم به ما لا يعلمه غيره من الغيبيات، ويسمى بالكشف، وهذا النوع من الفراسة صحيح وقرره أهل السنة -رحمهم الله تعالى-.
وقد ذكر هذه الأقسام الثلاثة ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين)، وتكلم أيضًا ابن القيم عن الفراسة في كتابه (مفتاح دار السعادة)، وذكر هذه الأقسام الثلاثة ابن أبي العز الحنفي في شرحه على الطحاوية.
فالنوع الثالث من الفراسة وهو الفراسة الدينية تحصل بقوة الإيمان، وهذا النوع من الفراسة لا يخرج عن كونه ظنًا، فلا يكون علمًا كما بيَّن هذا ابن رجب في شرحه على البخاري، فالفراسة وما يحصل بالرؤى مما يُعرف في المستقبل كله ظن، والعلم الذي اختص الله به هو اليقين.
والفرق بين الفراسة وادعاء الأولياء ما في القلوب عند الصوفية يرجع إلى أمور:
الأمر الأول: أن غالب من يُدعى فيهم الولاية من الصوفية هم على خلاف طريق الاستقامة، بل تراهم مشركين أو أهل بدع، أو يدعون علم الغيب، إلى غير ذلك، أما الفراسة فهي إنما تكون من أهل الإيمان ممن سلمت طريقتهم من طرائق أهل البدع، بأن كانوا متمسكين بالتوحيد والسنة.
الأمر الثاني: أن علم الفراسة الذي تقدم ذكره -وهي الفراسة الدينية- لا تخرج عن كونها ظنًا، أما الصوفية فيجزمون بما عند أوليائهم مما يذكرونه من علم الغيب، ففرق بين الأمرين، فإن علم الغيب في المستقبل أو ما في قلوب العباد وغير ذلك كل هذا مما اختص الله به.
وانظر للفائدة الجواب رقم: (116-3)
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.