يقول السائل: عندنا في بلاد الغرب أكثر مساجدنا مستأجرة، فهل لها أحكام المسجد المعروف؟ وبعضها جعلتها الدولة لنا لأجل أن نصلي فيها؟
الجواب:
يقال: إن هذا السؤال مهم، وذلك أن للمسجد بالمعنى الخاص أحكامًا، وقبل هذا إن للمسجد إطلاقين:
الإطلاق الأول: كل مكان يُتعبد فيه يسمى مسجدًا، كما في الصحيحين من حديث جابر -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: «وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا»، فكل مكان يُصلى فيه يُسمى مسجدًا، سواء صلى الإنسان في بيته أو في حديقة أو في طريقه أو في مزرعته أو غير ذلك.
وهذا ليس مرادًا في البحث، وإنما المراد هو الإطلاق الثاني:
الإطلاق الثاني: هو المسجد بالمعنى الخاص، وهو الذي تترتب عليه أحكام، منها أنه لا ينبغي لأحد أن يجلس حتى يُصلي ركعتين وهو تحية المسجد، ومنها أن الاعتكاف الشرعي لا يصح إلا فيها، ومنها أنه لا يجوز للحائض أن تمكث فيه، ومن أوجب الصلاة في المساجد يُوجبه في المساجد بهذا المعنى وهو المعنى الخاص.
أما من أوجب الصلاة في المساجد فإنه لا يُوجبه في المسجد بالمعنى العام أو في المصليات، إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية.
إذا تبيَّن أن للمسجد إطلاقين فإنه يُقال: إن المسجد بالمعنى الخاص لا يُسمى مسجدًا حتى تكون أرضه موقوفة للصلاة، فإذا أوقف المسلمون أرضًا للصلاة وحبسوها لهذا فإنها تكون مسجدًا، وعلى هذا المذاهب الأربعة، أما إذا كانت الأرض مستأجرة أو كان البناء مستأجرًا فإنه ليس مسجدًا بالمعنى الخاص، فلا يصح الاعتكاف فيه، إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية.
وقد أفتى بهذا شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- في أكثر من موضع من فتاواه في أجوبة الأقليات الإسلامية، وهو كتاب مطبوع.
فإذن هذه المصليات لا تُسمى مسجدًا، فلا يُعتكف فيها …إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية.
فإن قيل: إنه أحيانًا تُعطي الدولة الكافرة المسلمين مكانًا يُصلون فيه؟
فيقال: إن مثل هذا لا يُعد وقفًا، لذا قد الدولة تتراجع عن هذا وقد لا تتراجع عنه، فالمقصود أنه ليس وقفًا، لأن الوقف يكون من المسلم، فيُوقف أرضًا للعبادة، ومجرد إيقافها خرجت من ملكه وأصبحت صدقة يستفيد منها جميع المسلمين.
وانظر للفائدة الجواب رقم: (38-2)
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.