يسأل أخٌ هندي سؤالًا طويلًا خلاصته: أنهم لا يستطيعون أن يشتروا سيارة نقدًا لأمرين، إما لعدم القدرة عند بعضهم أو لأن المبلغ إذا كان كبيرًا فإن الضرائب والمكوس تكون عليه أكبر.
ثم ذكر أنهم يشترون بالتقسيط لكن المشكلة في التقسيط أنهم يكتبون من ضمن العقد أنه كلما تأخر يأخذون عليه مبلغًا زائدًا يسمونه غرامة، فيسأل عن حكم البيع والشراء في مثل هذا؟
الجواب:
أولًا: ينبغي أن يُعلم أن هذه المسماة بالغرامة هي الربا، وهو محرم بإجماع أهل العلم، وهو الذي قال الله عز وجل فيه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: 130].
ثانيًا: ينبغي أن يُعلم أن هذه الضرائب هي المكوس والمحرمة شرعًا، وهي كبيرة من كبائر الذنوب.
ثالثًا: ينبغي أن يُعلم أن البيع والشراء بالتقسيط جائز إجماعًا، حكى الإجماع ابن قدامة وغيره، فالعلماء على جواز البيع والشراء بالتقسيط.
بعد هذا يُقال: إن من يشتري سيارة هناك بالهند-على ما ذكر السائل- ما بين أن يكون نقدًا فتؤخذ منه أموال بغير حق باسم الضرائب، أو أن يشتري تقسيطًا فيُؤخذ منه مال بغير حق إذا قُدر أنه تأخر باسم الغرامة؛
فلذا في مثل هذا -والله أعلم- يجوز له أن يشتري نقدًا ويجوز له أن يشتري تقسيطًا لأن هذا من باب الحاجة العامة، والحاجة العامة تُنزل منزلة الضرورة.
لاسيما شراؤه بالتقسيط مع محاهدة نفسه على ألا يتأخر، فإنه بإمكانه ألا يكون تلبَّس بمحرم في فعله، بحيث إنه دفع المبلغ في وقته، بخلاف لو اشترى نقدًا فسيُحملونه من الضرائب، وفيه أخذ ماله منه بغير حق.
والخلاصة أن كلا الأمرين -والله أعلم- في مثل حالتهم جائزان، لقاعدة: الحاجة العامة تُنزل منزلة الضرورة. وقد قرر هذه القاعدة جمع من أهل العلم، منهم ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد)، وقد سبق في أكثر من جواب ومناسبة الكلام على هذه القاعدة وأدلتها، وكلام أهل العلم على ذلك -والله أعلم-.