يقول السائل: عندنا بعض الجماعات السلفية يدَّعون بأنهم هم الجماعة، ويستدلون على من لم يلتحق بهم وينضم إليهم بأحاديث واردة في التحذير من مفارقة الجماعة، فهل هذا القول صحيح؟ وبماذا تنصحوننا؟
الجواب:
إن هناك عدة أحاديث حذَّرت من مفارقة الجماعة، كما أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإن من فارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية»، ووردت أحاديث أخرى.
وهذه الأحاديث هي في جماعة الأبدان، أي في الاجتماع على الحاكم المسلم والسمع والطاعة له في غير معصية الله، وذلك أن الجماعة جماعتان:
• الجماعة الأولى: جماعة الأبدان، وهي الاجتماع على الحاكم المسلم وبيعته واعتقاد السمع والطاعة له في غير معصية الله.
• الجماعة الثانية: جماعة الأديان، وهو التمسك بالسنة، فكل من تمسك بالسنة فهو جماعة الأديان، فروى أحمد وأبو داود عن معاوية بن أبي سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة»، والمراد بالجماعة هنا: المتمسكون بالسنة.
وروى اللالكائي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: “أنت الجماعة إن كنت على طاعة الله ولو كنت وحدك”.
إذن لابد من أن يُضبط هذان النوعان من الجماعة، فإذن أحاديث: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» إلخ، هي في الحاكم المسلم الذي اجتمع عليه المسلمون وصار حاكمًا، فهي في جماعة الأبدان لا في جماعة الأديان.
فلذا أي تعاون على البر والتقوى بين أهل السنة السلفيين فإنه اجتماع على الهدى والتقوى، ويُقال لهم: سلفيون، وأهل الحق، وأهل السنة، إذا كانوا متمسكين بالكتاب والسنة على فهم سلف هذه الأمة.
ويجب التعاون معهم على الخير ويحرم معاداتهم لا لذواتهم وإنما لأنهم متمسكون بالسنة، فيجب التعاون معهم كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]. فيُتعاون معهم على الخير، إلخ.
فإذا قُدر أن أناسًا متمسكين بالسنة وأنهم سلفيون وأنهم يقولون: من لم يلتحق بنا فتنطبق عليه نصوص: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» إلخ، إذا قدر أن هذا موجود فهو قطعًا خطأ من هؤلاء.
وأنا أستبعد أن يكون هذا من أناس سلفيين حقًا، متمسكين بالكتاب والسنة على فهم سلف هذه الأمة، لكن إن قدر وجوده فهو خطأ قطعًا ولا يصح أن يُعتقد مثل هذا، وينبغي أن يُناصحوا حتى ينتهوا عن هذا القول.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.