يقول السائل: ما حكم اليوم العالمي للغة العربية؟
الجواب: ينبغي أن يُعلم أن ما يُسمى باليوم العالمي، أو يوم الأم، أو عيد الأم، أو أسبوع الشجرة، أو أسبوع المرور، أو عيد الحب أو اليوم الوطني أو العيد الوطني، أو الاحتفال بمرور خمسين سنة على إنشاء شركة، إلى غير ذلك؛ ينبغي أن يُعلم أن هذا له حالان:
– الحال الأولى: أن يحدث حدث في زمن، ثم يُتقصَّد إحياء هذا الزمن، باحتفال أو غير ذلك، فهذا يُسمى عيدًا وهو محرم شرعًا، كمثل مرور عشرين سنة على إنشاء شركة، ففي يوم إنشائها بعد عشرين سنة يحتفلون بهذا اليوم أو يجعلون ما يدل على التذكير به، إلى غير ذلك، فيضعون تخفيضات أو غير ذلك مما يفعلون، فهذا يسمى عيدًا.
ومثل ذلك ما يُسمى باليوم الوطني، ففي يوم توحيد البلاد أو استقلال البلاد أو إنشاء البلاد إلى غير ذلك، يحتفلون بهذا اليوم بأي صورة من صور الاحتفال، كل هذا من الأعياد المحرمة، ومثله عيد الحب في قصة حصلت بين متحابين اثنين، فقُتلا أو ماتا …إلخ، وفي هذا اليوم من كل سنة أو كل خمس سنوات أو أكثر أو أقل، يُتذكر هذا اليوم ويُحتفل به، كل هذا يسمى عيدًا، وهو محرم شرعًا كما سيأتي بيانه.
– الحال الثانية: ألا يكون هناك حدث يحتفلون به كالحال الأولى، وإنما يريدون التذكير بشيء، كالتذكير بأهمية اللغة العربية مثلًا، فاتفقوا على يوم عالمي في التذكير بأهمية اللغة العربية، وليس هذا اليوم مرتبطًا بحدث ولا بغير ذلك، فمثل هذا لا يسمى عيدًا -والله أعلم-.
ومثل ذلك ما يسمى بأسبوع الشجرة أو أسبوع المرور إلخ، فإن مثل هذا ليس مرتبطًا بحدث معين حصل وحدث فيُذكرون بهذا الحدث، وإنما أرادوا أن يُذكروا بأهمية المرور أو أهمية الشجرة، إلى غير ذلك، فجعلوا أسبوعًا يسمى بأسبوع الشجرة.
فمثل هذا الأصل جوازه وليس عيدًا محرمًا.
فإن قيل: ما الدليل على حرمة العيد؟
يقال: إن هناك أكثر من دليل يدل على حرمة العيد، وقد بسط هذا ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم)، ومن الأدلة ما ثبت عند أبي داود والنسائي من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهما يومان يلعبون فيهما.
فقال -صلى الله عليه وسلم-: «قد أبدلكم الله خيرًا منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى». وجه الدلالة: أن هذين اليومين ليسا للتعبد وإنما للعب، ولأنهما يومان مقصودان جعلته الشريعة عيدًا، ونهت عنه وأتى بلفظ: «قد أبدلكم الله بهما» ومن المعلوم أن البدل والمُبدل منه لا يجتمعان.
هذا ملخص ما ذكره ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، وقال: إن لم يتعبدوا به فهو عيد محرم، فإن تعبدوا به زاد الإثم إثمًا بأن يكون بدعة. هذا مفاد ما قرره في (الاقتضاء).
وأختم ببيان معنى العيد، قال ابن تيمية في (الاقتضاء) وابن القيم في كتابه (إغاثة اللهفان) ببيان جلي وواضح وعبارة ابن القيم أوضح، قال ما مفاده: كل زمان أو مكان يتقصد لذاته.
فإذن يكون المقصود من إعادته ذات الزمان أو ذات المكان، فهذا عيد، لا أن يتفق جماعة على أن يجتمعوا في أول جمعة من كل شهر، فهذا لا يسمى عيدًا لأن الزمان غير مقصود، وإنما المقصود الاجتماع والزمان جاء تعبًا.
بخلاف أن يقع حدث، كيوم ولادة فلان، وهو ما يسمى بعيد الميلاد، ففي كل سنة يحتفلون بهذا اليوم، فالزمان في مثل هذا مقصود.
أظن بهذا يتضح الفرق بين ما يسمى عيدًا وهو محرم، وما يسمى عيدًا وليس محرمًا.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.