يقول السائل: هل أحكام الولاء والبراء تختلف في بلد الكفر بمراعات المصالح والمفاسد؟
الجواب:
يجب على كل مسلم أن يقوم بعقيدة الولاء والبراء، ومقتضى هذه العقيدة البراء والبغض للكافرين لأنهم كفار، والولاء والمحبة للمؤمنين لأنهم مؤمنون بقدر إيمانهم، كما قال تعالى: ﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ ﴾ [المجادلة: 22].
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾ [الممتحنة: 1] أي بالمحبة، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51] إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة.
إلا أن إظهار هذا الأمر يرجع إلى المصلحة، فالأصل إظهار البغض وأثر البغض، إلى غير ذلك، لكن إذا غلبت المصلحة في عدم إظهار ذلك من ضعف المسلمين إلى غير هذا، فإن هذا الأمر لا يُظهر، وإنما يُراعى فيه المصلحة مع التأكيد على المسلمين بأن يقوموا بهذه العقيدة في قلوبهم وأن يُظهروا ما استطاعوا منها حتى لا تُنسى وتُدرس وينساها الناس مع الأيام.
فما أكثر المتساهلين مع هذا الأمر العظيم وهو عقيدة البراء من الكفار، وقد أشار إلى معنى ترك هذا في حال الضعف: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم).
يقول السائل: هل يجوز قول المسلم للمسلم: أنت تستاهل الحمد، أو فلان يستاهل الحمد؟
الجواب:
الحمد ليس خاصًا بالله، فإن الحمد ذكر المحمود على الوجه المدح مع محبته، وهذا ليس خاصًا بالله، فليس هناك دليل يدل على أنه خاص بالله، هذا أولًا، وثانيًا: في البخاري في قصة الإفك عن عائشة -رضي الله عنها- أنها لما نزل براءتها أمرها أبواها أن تقوم للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: والله لا أحمده ولا أحمدكما، وإنما أحمد الله الذي أنزل براءتي.
فدل على أن الحمد يجوز للمخلوق، وهذا الأصل، فكل ما يُطلق على الله يصح إطلاقه على المخلوق إلا إذا دل دليل على خلاف ذلك، هذا أولًا، وثانيًا: إذا أُطلق على المخلوق ما يطلق على الله فإنه لابد أن يُطلق على الوجه الذي يليق بالمخلوق.
فمثلًا: ألله يتكلم والمخلوق يتكلم، والله يسمع والمخلوق يسمع، لكن إطلاق هذا على الله بحسب ما يليق به سبحانه وعلى المخلوق بما يليق بحاله الضعيف.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.