يقول السائل: هل الخلع طلاق أو فسخ؟ وكم تعتد المُخالعة؟ وما صيغة الخلع؟
الجواب:
ينبغي أن يُعرف معنى الخلع، ومعنى الخلع: أن المرأة تطلب من زوجها أن يتركها، أي هي تُخالع نفسها وذلك بأن تدفع مُقابل ذلك مالًا بأن تدفع صداقها أو أكثر أو أقل فتخلع نفسها، فالسائل يسأل هل هذا الخلع يُعد طلاقًا أم فسخًا؟ لأنه إذا قيل إنه طلاق ينبني على هذا أحكام الطلاق، ومن ذلك أنه لو قدر أنه طلق مرتين فخالع فإنه يكون قد طلق ثلاثًا، فلو أراد أن يرجعها فليس له ذلك حتى تنكح زوجًا غيره.
ثم يقول: كم تعتد المُخالعة؟ أي هل تجلس بعد خلعها ثلاث حيض؟ أو حيضة ثم بعد ذلك يجوز لها أن تتزوج؟
ثم يسأل: ما صيغة الخلع؟ يعني ما اللفظ الذي يُتلفظ به لتمام الخلع، فإذا دفعت المرأة صداقها للرجل وقالت: خالعني، ما اللفظ الذي يتلفظ به الزوج؟
هذه ثلاث مسائل كثُر كلام أهل العلم فيها، أما المسألة الأولى: هل الخلع طلاق أم فسخ؟ على أصح الأقوال -والله أعلم- أن الخلع فسخ، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد وإسحاق وابن المنذر وهو قول عند الشافعية والحنابلة، وهو القول الثابت عن الصحابة، ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنه- كما ذكره الإمام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وذكر ابن تيمية أنه لم يصح عن أحد من الصحابة خلافه.
فبثبوته عن ابن عباس يدل على أن الخلع فسخ وليس طلاقًا، أما قول السائل: وكم تعتد المخالعة؟ هذه المسألة فيها أقوال، وأصح هذه الأقوال -والله أعلم- أن المخالعة تعتد حيضة واحدة، كما ثبت هذا عن ابن عمر عند أبي داود وقد جاء عن عثمان وغيره، وإلى هذا ذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وجماعة من أهل العلم.
فإذن لا تعتد المخالعة إلا حيضة واحدة وهذا يؤكد ما تقدم ذكره من أن الخلع ليس طلاقًا؛ لأنه لو كان طلاقًا لاعتدت ثلاث حيض، فبفتاوى الصحابة أنها لا تعتد إلا حيضة كما ثبت عن ابن عمر وهو القول المروي عن عثمان وغيره، يدل على أنهم يرون أن الخلع ليس طلاقًا وإنما فسخٌ.
ثم قول السائل: ما ألفاظ الخلع؟
يُقال: على أصح أقوال أهل العلم إن أي لفظ يتلفظ به المُخالع ولو تلفظ بلفظ الطلاق فإنه إذا تلفظ بلفظ الطلاق مقابل أنها دفعت له مالًا فهو خلع، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد وهو قول قدماء أصحابه كما قال ابن تيمية، وقد رجَّح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: إن الشريعة معاني وليست ألفاظًا.
فعلى هذا أي لفظ عبَّر به وتلفظ به الرجل سواء بقوله: خالعتك، فسختك، طلقتك.. حتى لو قال: طلقتك. بما أنه مقابل أن ترد الطلاق فإنه يُعد خلعًا، وما تقدم ذكره من المسائل الثلاث هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- فيها كلها -والله أعلم-.
يقول السائل: ما حكم إتيان الرجل زوجته في الدبر؟
الجواب:
هذا أمر شنيع وقد وُجد من بعض المسلمين -وإن كان أكثر المسلمين يستنكرون هذا ويعيبونه- لكن من المسلمين من تأثر بالغربيين أو فسدت فطرته فوقع منه مثل هذا، فصار يأتي زوجته من الدبر، وهذا محرم لأسباب كثيرة منها:
السبب الأول: أنه ثبت عند عبد الرزاق عن ابن عباس أنه سُئل عن إتيان المرأة في دبرها قال: ذاك الكفر. فهو إذن كفرٌ شنيع ولا يجوز في الشريعة.
السبب الثاني: أن الله عز وجل يقول: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223] فالحرث هو مكان الولد لأنه مكان الزرع وخروج الولد.
السبب الثالث: أن الشريعة حرمة إتيان المرأة في الحيض لأن الحيض نجس، فنجاسة الدبر من باب أولى.
فلذلك لا يجوز للرجل أن يأتي امرأته في دبرها، وهذا كفر وليس كفرًا أكبر ولكنه كفر أصغر، ويكفي في شناعة الأمر أن يُوصف بأنه كفر، فإن ما وُصف بأنه كفر فهو أعظم إثمًا من الكبائر.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.