بسم الله الرحمن الرحيم
فمن صور عدل الله في معاقبة العصاة أن يُجازيهم بنقيض قصدهم السيء، كما قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: 5].
فالحركيون قديمًا وحديثًا ينتقصون السلفيين، باتهامهم بضعف فهم الواقع والسياسة، ويدّعون لأنفسهم النظرة الشمولية للواقع التي تجمع بين الشرع والعقل و(فقه الواقع)، ولكن الله سبحانه يفضحهم على حقيقتهم مع كل حدث، ويفضح للعقلاء (إفلاسهم السياسي وابتداعهم الديني).
وتأمل في أحداث سوريا الحالية إلى التناقض الواضح في مواقف كثير من الشخصيات الحركية، التي تتنقَّل بين تحسين صورة أعداء الإسلام وتخوين من يعاديهم بحجة المقاومة، وبين التصفيق لمن يحاربهم، دون أي انسجام مع مبادئهم المعلنة أو حججهم السابقة (القريبة).
فمنذ شهرين تقريبًا، كان رؤوس الحركيين يدافعون باستماتة عن حزب الشيطان وقائده حسن نصر الله، زاعمين أن مجرد الكلام أو المشاعر السلبية تجاههم لا ينبغي أن تُنسي أنهم يقاتلون عدوًّا أخطر على المسلمين، ويرون ضرورة الوقوف معهم ومناصرتهم في مقاومتهم لليهود، وعدم تخذيلهم.
لكن المفاجأة: مع أحداث سوريا الأخيرة، والتي يستهدف فيها تنظيم القاعدة (وإن غير جلده واسمه بما يُرضي الغرب) يمزقون خطوط الإمداد لحزب الشيطان لمقاومة اليهود، فخرج الإخوانيون يصفقون ويحتفون بهذه الأحداث، بل يصفها بعضهم بأنها “من أيام الله”!!
فهؤلاء الحركيون كما عودونا، صاروا مجرد بغلة تُركب لتنفيذ مصالح أعداء المسلمين، تارة للروافض، وتارة لليهود والنصارى، وغيرهم، ثم يتم التخلص منهم بعد انتهاء المصلحة من تحريكهم، يثيرون الجعجعة والصخب دون نتائج تُذكر، لا يقيمون دولة، ولا دينًا ينصرون.
يكررون الأخطاء دون اتعاظ بحروب كأفغانستان، العراق، سوريا، وغزة، قتالهم يُنتِج أضعافًا من الضرر مقارنة ببعض النفع الذي ينخدع به كثير من المسلمين، فليس كل من رفع شعارًا وأظهر شيئًا من الحق حُمل فعله وقوله على محمل الجد.
وما أصدق وأنفع كتاب: (الإخوان المسلمون بين الابتداع الديني والإفلاس السياسي) للشيخ علي السيد الوصيفي -رحمه الله- الذي فضحهم وكان بديعًا في مضمونه وعنوانه.
رابط الكتاب:
https://www.islamancient.com/ar/?p=35819
.
كتبه/ محمد بن عبدالحفيظ
الجمعة، 5 / ربيع الآخرة / 1446هـ
الموافق 6 / 12 / 2024م