الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده، و نستعينه، و نستغفره، ونعوذ بالله، من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يَاأَيُّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَتَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ أما بعد:
أما بعد: سبق في الخطبة الماضية الكلام على قصة الخليل إبراهيم وبنائه البيت ، ثم دعاؤه بأعظم مقومات قيام الدول ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾ كان دعاء إبْرَاهيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ رَبَّهُ تَحقيقَ الأمْنِ لتَتَحَقَّقَ لهمْ عِبَادَتُهمْ وتَتَحقَّقُ لهمْ أرْزَاقُهُمْ .
وبه امتن الله على أهل بيته من قريش بقوله :﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
عِبَادَ الله: بالأمْنُ تستقيم للنَّاسِ عِبَادَتهم، وبِغَيرِ الأمْنِ لا يُسْتَساغُ طَعَامٌ، ولا يهْنَأ عَيشٌ، ولا يَلَذُّ نَومٌ، ولا يُنعَمُ بِراحَةٍ، قِيلَ لحكيمٍ: أينَ تَجدُ السُّرُورَ؟ قَالَ: في الأمْنِ، فإنِّي وَجَدْتُ الخائِفَ لا عَيشَ لَهُ.
فِي ظِلِّ الأمْنِ تُحْفَظُ النُّفُوسُ وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ وتَأْمَنُ السُّبُلُ وتُقَامُ الحُدُودُ ويَسُودُ العِمْرَانُ وتَنْمُو الثَّرَوَاتُ
عباد الله : إن بلادكم هذه مستهدفه في عقيدتها ، مستهدفة في ولاة أمرها وعلمائها ، مستهدفة في
شبابها ، كل هذا لاستهداف أمنها .
ومن صور الاستهداف وآثاره:
تلقين بعض شبابنا بالأفكار المضلة التي تورث في قلوبهم الحقد الدفين على بلادهم وحكومتهم وعلمائهم ووطنهم عامة فتجعل منهم مجرمين غاية ما يكون الإجرام على استعداد تام على التكفير والتفجير والاغتيال وبث الرعب وزعزعة الأمن وغير ذلك من صور الفساد في الأرض .
وما كان هذا الا بعد التدرج في صرف الشباب عن المصادر الموثوقة ممن شابت لحاهم في العلم والتعليم إلى أحداث أصاغر أو قصاص ووعاظ تدار بفتاواهم مصائر الأمة .
وما كان هذا الا بعد الطعن في العلماء الكبار المعتبرين وصرف الشباب عن مجالسهم الى أولئك الأغرار؛ إذ الإلتفاف حول أولئك العلماء الراسخين من أعظم أسباب السلامة من تلك الأفكار ، ومن ثم بغضهم للبدعة والمبتدعة بتنوع مشاربهم وعلى رأسهم الخوارج والقعدية ؛ لأن العلماء يحذرون من فكر هؤلاء الضلال .
وفي أزمنة ماضية حجبت فتاوى علمائنا عن الشاب في التحذير من الجماعات الضالة وكتبها، وعن أئمة الضلالة ورموز الحزبية ، وكثير من الناس لم يعلم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي تدعي بعضُها أنها كبرى الجماعات، أو الجماعة الأم، وما علم بتحذير العلماء منها إلا بعد أن وقعت المصيبة ، وحلت البلية ، فحسبنا الله على من يغيب فتاوى العلماء عن الشباب ويربيهم على الحزبية والعنف والتطرف .
عباد الله : إن أعداء هذه البلاد المباركة غاضهم مانعيشه من الأمن واجتماع الكلمة ورغد العيش فسعوا كل طريق وبذلوا كل سبب لزعزعة آمننا وتفريق كلمتنا ، وكان من أبرز وسائلهم في حربهم على بلادنا هذه النابتة نابتة السوء التي استزرعوها بين الشباب ، فأقتطعوا من الشباب فئةً جهال ، من أهل العاطفة والحماس وحملة التعليم المتدني ، فعزلوهم عن العلماء وشحنوا قلوبهم بالبغض للأمراء ، وملئوا أعينهم بنظرة سوداوية عن مجتمع المسلمين في هذه البلاد ، فمن كان معهم فهو على الخير والهدى ، ومن خالف مذهبهم الباطل فقد ضل سواء السبيل .
فتفطنوا عباد الله ولا تأخذكم الغفلة ، وإِيَّاكُمْ وَكُفْرَانَ النِّعَمِ، احذروا رحمكم الله الذُّنُوبَ والمَعَاصِي، فالله يقول: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99).
والعبرُ في هذا الزمان كثيرة، والمواجع متعددة، قريةٌ أصبحت على حالٍ وأمست على حال، وبلدةٌ اهتزت أرضها وتهاوى بنيانها حتى أَصْبَحَ أَمْنُهَا خَوْفاً، وَأُنْسُهَا حَزَناً وَهَلَعاً، ودولٌ انقلب أمرها، وتبدل حالها، فلا العيشُ بالعيش، ذهب الأمن، واختل المجتمع، فكانت الحروب والصراعات، والدماء والأشلاء.
باركَ الله ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم ،أقول ما سمعتم وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
{ الخطبة الثانية }
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات واشهد ان لااله الاالله قيوم الارض والسماوات واشهد ان محمدا عبده ورسوله كان شاكرا لربه في جميع الاوقات صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اهل الفضل و المكرمات وسلم تسليما امابعد:
عباد الله : اشكروا الله على نعمه الكثيرة فقد امرنا الله بذلك فقال( فاذكروني اذكركم واشكروالي ولاتكفرون) هذه النعم التي لانستطيع ان نقوم بحصرها فضلا عن شكرها كما قال تعالى :(وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها)
فلَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ، وَآلَاءٍ جَسِيمَةٍ تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، مَنَّ بِأَعْظَمِ الِمنَنِ فَهَدَانا لِلْإِسْلَامِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْنا نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، نتَقَلَّبُ فِي عَيْشٍ هنيء، وَوَفْرَةٍ مِنَ النِّعَمِ وَالخَيْرِ، نُصْبِحُ عليها وَنُمْسِي فِيهَا، خَيْرَاتٌ متوافرة، وَفَضْلٌ وَاسِعٌ، وَعَطَاءٌ جَزِيلٌ، وإن من أعظم نعمِ الله الاجتماعَ تحت ولايةِ حاكم مسلم؛ لقد كانت هذه البلادُ قبل عقودٍ إماراتٍ شتى، وبلداناً متفرقةً متناحرةً، جهل في أمور الدين، وفقرٌ وضعف وتفرق في الدنيا، فأعاد الله تجديد الدين ومنافعَ الدنيا وتوحيد البلاد، فاجتمع الناس بعد فُرقة، وتآلفوا بعد نُفرة، فانتشر العلم في البلاد، وحُكِمَ بشرع الله بين العباد، وأَمِنَ الناس على دينهم ودنياهم، فصار التوحيدُ هو الشعار، وحكامُنا محطَّ الأنظار، وبلادُنا مقدَّمةٌ بين الدول والأمصار.
فحافظوا على مجتمعكم، والتزموا نظامه، واشكروا الله
على انتظامه، والحذرَ الحذرَ من كل ما يُعكِّرُ صفوه، فالمتربصون يُضخِّمون الخطأ، والخائنون ينشرون الشائعات، وهم دعاة الفتن، وجالبو المصائب، فلا نكن عوناً لهم ونحن لا نشعر، فلزومُ الجماعةِ شِعارُنا أهلَ السنة، والسمعُ والطاعةُ لولي أمرنا في غير معصية عقيدتُنا أهلَ الجماعة، قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رَوَاهُ مُسْلِمُ.
ألا فأحسنوا في لزوم الجماعة، وأحسنوا لمن ولاه الله أمركم بالدعاء لهم بالصلاح والمعافاة، قال الإمام أحمد رحمه الله: (وَإِنِّي لَأَدْعُو للسلطان بِالتَّسْدِيدِ، وَالتَّوْفِيقِ، فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالتَّأْيِيدِ، وَأَرَى لَهُ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيَّ).
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، ونفِّس كربَ المكرُوبِين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينِهم في سائر الأوطان، اللهم كُن لهم ولا تكُن عليهم، اللهم انصُرهم على من بغَى عليهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل شأنَ عدوِّهم في سِفال، وأمرَه في وَبال يا حي يا قيوم، يا سميع الدعاء.
اللهم اهد شباب المسلمين اللهم اهد شباب المسلمين اللهم اهد شباب المسلمين اللهم من أراد بأمة محمد صلى الله عليه و سلم سوء اللهم رد كيده في نحره و اجعل تدبيره تدميرا عليه اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال و الإكرام اللهم آمنا في دورنا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا و اجعل ولايتنا في من خافك و اتقاك و اتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم من أرادنا و علمائنا و ولاة أمرنا و جنودنا بسوء اللهم رد كيده في نحره و اجعل تدبيره تدميرا عليه يا سميع الدعاء اللهم اهتك ستره اللهم اهتك ستره اللهم مكن منه جنود الإسلام و عسكر القرآن اللهم اكفناهم بما تشاء إنك أنت السميع العليم حسبنا الله و نعم الوكيل حسبنا الله و نعم الوكيل حسبنا الله و نعم الوكيل ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار .
اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين