من أخطاء الصلاة


الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الرحمنِ الرحيمِ، خلقنا لعبادَتهِ وأرسلَ رُسُلَهُ وأنزلَ كُتبهُ ليهدينا الصراطَ المستقيمَ، وجعلَ أعظمَ العباداتِ العمليةِ وقوفَ عبادِهِ بينَ يديهِ مُصلِّينَ ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾،

والصلاةُ والسلامُ على مَن كانتِ الصلاةُ قُرَّةَ عينِهِ، فقالَ: «وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»، وكانت راحتُه وطمأنينتُه في الصلاةِ، فكان يقول: «يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا».

وأشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 21].

أما بعدُ:

فإنَّ من النعمِ العظيمةِ أن يكونَ المسلمُ من المصلينَ المؤدينَ لها في أوقاتِها فما أعظمَ خسارةَ من لا يُصلي، أو مَن يُصلي تارةً ويدَع تارةً، فإنَّ هذه مِن الكبائرِ العظيمةِ، بل ذكرَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ V أنَّ تركَ صلاةٍ حتى يخرُجَ وقتُها أعظمُ مِن فطرِ رمضان.

قالَ سبحانهُ: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59] روى ابنُ جريرٍ عن ابنَ مسعودٍ I أنه قالَ: “ على مواقيتها “- أي يؤخرنها عن وقتها- قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على الترك، قال: “ ذاك الكفر.

وروَى الإمامُ مسلمٌ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ I أنَّ النبيَّ قال: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ».

وإنَّ المصلينَ ليسَوا على درجةٍ واحدةٍ، فمِن المُصلينَ مَن إذا وقفَ في الصفِّ رُفِعَت صلاتُهُ إلى عَنانِ السماءِ، ومِن المصلينَ مَن تُلفُّ صلاتُهُ وتُرمَى في وجهِهِ.

فالناسُ مختلفونَ في أجورِ صلاتِهِم باختلافِ حالهِم أثناءَ الصلاةِ، باختلافِ حالِ قلوبِهِم، باختلافِ حالِ أفعالِهِم ومُتابعتِهِم لنبيِّهم ، فلا سواءَ بينَ مَن يُصلي صلاةً شرعيَّةً تابَعَ فيها رسولَ اللهِ ، وبينَ مَن يُصلي على عادةٍ رآها مِن أهلِ مسجدِهِ أو أهلِ بلدِهِ، أو يُقلِّدُ بعضُهم بعضًا، فلا سواءَ بينَ هاتين الصلاتينِ.

روَى الإمامُ البخاريُّ عَن مالكِ بنِ الحويرثِ I أنَّ النبيَّ قالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، وروَى الإمامُ أحمد عن عمارِ بنِ ياسرٍ I أنهُ قالَ: قالَ : «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، …» إلى آخرِ الحديثِ.

فبما أنَّك مُصلٍّ ومُقبلٌ على اللهِ بالصلاةِ، فجاهِد نفسَكَ على إصلاحِ باطِنِ حالِكَ، وظاهِرِه بمتابعةِ النبيِّ .

وإليكم باختصارٍ بعضَ الأخطاءِ التي يقعُ فيها بعضُ المصلين، ومِن هذهِ الأخطاءِ ما يُبطلُ الصلاةُ، ومنها ما لا يُبطلُها لكنه يُنقِصُ أجرَها:

الخطأُ الأولُ: تركُ الخشوعِ، قالَ سبحانهُ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2] قالَ ابنُ القيمِ V: ” وهو -سبحانه- إذا ذكر الفلاح علَّقَهُ بفعل المُفْلح، كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} إلى آخر الآيات“.

ومعنى الخشوعِ: خضوعُ القلبِ، فالمُصلِّي في صلاتِهِ في حالِ جهادٍ، ما بينَ شيطانٍ يريدُ أن يُضيِّعَ صلاتَهُ، أو أفكارٍ تُشتِّتُ عليهِ حضورَ قلبِهِ، فلابُدَّ مِن المجاهدةِ في حضورِ القلبِ، وفي الخشوعِ، حتى تكونَ مِن الخاشعينَ، قالَ الإمامُ ابنُ القيمِ V: ” فصلاة بلا خشوع ولا حضور كبدن ميت لا روح فيه“.

فالمجاهدةَ المجاهدةَ … فمِن الناسِ مَن يُقلِّبُ جوالَهُ أو ساعَتَهُ في صلاتِه، بَلْ صليتُ جانِبَ رجلٍ، وفي أثناءِ صلاتِهِ، أخرجَ فاتورةَ الكهرباءِ ينظرُ إليها إلى غيرِ ذلكَ مِن القِصص الكثيرةِ التي تحصلُ للمصلينَ.

إنَّ الصلاةَ صِلةٌ بين العبدِ وربِّهِ، ففُرصةٌ للدعاءِ، فرصةٌ للإقبالِ على اللهِ، فأنتَ تُواجِهُ اللهَ، إنَّ اللهَ قِبلَ وجهِك!

الخطأُ الثاني: الصلاةُ قاعدًا، قد كثُر بينَ المسلمينَ مَن يُصلي قاعِدًا، وكثيرٌ مِنهم، بَلْ كلهم إلا نزرًا قليلًا معذورونَ، ومنهم من يتساهِل، روَى الإمامُ البخاريُّ عن عمرانَ أنَّ النبيَّ قال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».

مِن المسلمينَ مَن يستطيعُ أن يُصلي قائمًا، لكنه يجدُ شيئًا مِن التعبِ ثم معَ ذلِكَ يتساهَل ويُصلي قاعِدًا، بَل مِن المسلمينَ مَن يستطيعُ أن يُكبِّرُ تكبيرةَ الإحرامِ قائمًا، أو أن يقرأ الفاتِحةَ كُلَّها أو بعضَها قائمًا، ثم يُصلي قاعدًا، ومثلُ هذا تبطلُ صلاتَهُ.

الخطأُ الثالثُ: يُستحبُّ للمصلي أثناءَ صلاتِهِ أن يستقبِلَ بكُلِّ عضوٍ منهُ القبلةَ، فالقدمانِ تكونُ مُتَّجِهةً إلى القبلةِ، بألا تكونَ يمنةً ويسرةً، بل تكونَ مستقيمةً مستقبلةً للقِبلةِ، حتَّى في حالِ الركوعِ والسجودِ، فيُستحبُّ أن تكونَ أطرافُ الأصابِعِ إلى القبلةِ، فقد ثبتَ عندَ عبدِ الرزاقِ أنَّ ابنَ عمرَ M كانَ يستقبِلُ بكُلِّ شيءٍ القبلةَ.

الخطأُ الرابعُ: النظرُ إلى غيرِ موضِعِ السجودِ، قالَ سبحانَهُ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2] روَى ابنُ جريرٍ عن التابعيِّ الجليلِ محمدِ بنِ سيرينَ V أنهُ قالَ: “وكانوا يقولون: لا يجاوز بصرُه مصلاه“. ففي حالِ قيامِهِ وجلوسِهِ لا ينظرُ إلَّا إلى موضعِ سجودِهِ.

ومِن المسلمينَ مَن ينظرُ يمنةً ويسرةً أو أعلى، وقد ثبتَ في صحيحِ مسلمٍ عن جابرِ بنِ سمُرةَ I أنَّ النبيَّ قالَ: «ليَنتَهِيَنَّ أقوامٌ يرفعونَ أبصارَهُم في الصلاةِ إلى السماءِ، أو لا ترجِعُ إليهِمْ».

الخطأُ الخامسُ: التساهلُ في رفعِ اليدينِ، ثبتَ في السنةِ رفعُ اليدينِ في ثلاثةِ مواضعٍ، ثبتَ في الصحيحينِ عن ابنِ عمرَ L أنهُ قالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ …” أي يجعلها مُحاذيةً إلى منكبيهِ، قالَ: “فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ“.

وروَى الإمامُ مسلمٌ عن مالكِ بنِ حويرثٍ I أنَّ النبيَّ كانَ إذا افتَتَحَ الصلاةَ يرفعُ يديهِ إلى فروعِ أذنيهِ أي أطرافِ الأذنينِ، فللمصلي صفتانِ: أن يجعلَهَا مُحاذيةً إلى المنكبينِ، أو إلى فروعِ الأذنينِ.

وكثير من المسلمينَ مُقصِّرونَ في ذلكَ، فمنهم من يرفعُ يديهِ قليلًا، ومنهم من يُبالِغُ في رفعِ اليدينِ حتى يضعَ الإبهامَ على أذنيهِ، أو يضعُ اليدينِ على الأذُنِ، وكُلُّ هذا مُخالفٌ لسُنَّةِ النبيَّ .

الخطأُ السادسُ: تركُ استواءِ الظهرِ في الركوعِ، ما أكثرَ المسلمينَ الذينَ إذا ركَعُوا انحنوا قليلًا، ومَن انحنى قليلًا حتى لا تصِلُ يدُهُ إلى ركبتيهِ فإنَّ ركوعَهُ لا يصِحُّ، ثبتَ في البخاريِّ عن حذيفةَ بنِ اليمانِ I أنه رأى رجلًا يُصلي ولا يُتِمُّ ركوعَهُ ولا سجودَهُ، فقال: “مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا“.

وإنما المشروعُ لِمَن ركعَ أن ينحي حتى يكونَ ظهرُهُ مستويًا معَ رقبَتِهِ ورأسِهِ، ثم يُمكِّنُ يديهِ مِن ركبتيهِ، روَى البخاريُّ عَن أبي حُميدٍ الساعديِّ I وهوَ يصفُ صلاةَ النبيِّ ، قالَ: “ثم هصرَ ظهرَهُ“. قال الخطابيُّ: معنى هصرَ ظهرَهُ: ثناه ثنيًا شديدًا في استواء من رقبته ومتن ظهره لا يقوِّسه، ولا يتحادب في ركوعه.

الخطأُ السابعُ: تركُ السجودِ على الأعضاءِ السبعةِ، روَى البخاريُّ ومسلمٌ عن عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ L أنَّ النبيَّ قالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَاليَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ».

يجبُ أن تُمكَّنَ الأعضاءُ السبعةُ في السجودِ، فمَن سجدَ وقد رفعَ أحدَ قدميهِ حتى انتهى بطلَ سجودُهُ، وإذا بطلَ سجودُهُ بطلَتْ صلاتُهُ.

الخطأُ الثامنُ: التنفُّلُ في مكانِ الفريضةِ، ثبتَ أنَّ الصحابةَ إذا صلوا الفريضةَ وأرادوا أن يتنفَّلُوا فإنهُم يُغيِّرونُ أماكنَهم.

الخطأُ التاسعُ: أن يسجدَ المصلي على طاقيَّتهِ أو شِماغِه، والمشروعُ لِمن أرادَ أن يسجُدَ أن يُمكِّنَ يديهِ وجبهتَهُ مِن الأرضِ مباشرةً، وبعضُهُم يسجدُ على طرَفِ شِماغِهِ، أو يُنزِلُ الطاقيةَ ويسجدُ عليها، والمشروعُ لِمن صلى أن يُباشِرَ بيديهِ مكانَ سجودِهِ، وأن يُباشِرَ بجبهتِهِ مكانَ سجودِهِ.

روَى الإمامُ مسلمٌ عن خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ I قال: شكونا إلى رسولِ اللهِ شِدَّةَ الرمضاءَ في الصلاةِ، فلم يُشكِنا. أي لم يسمَحَ لأحدِهِم أن يسجُدَ على طرفِ عِمامَتِهِ، وإنما يُباشِرُ بجبهتِهِ الأرضَ كما يُباشِرُ بيديهِ الأرضَ.

الخطأُ العاشرُ: وصلُ النافِلةِ بالفريضةِ، فما إن يُسلِّم المصلي إلَّا ومباشرةً يصلي النافلةَ، وقد ثبتَ في صحيحِ مسلمٍ عن معاويةَ بنِ أبي سفيانَ -رضي اللهُ عنهُما – قالَ: أمرنا النبيُّ ألَّا نصِلَ صلاةً بصلاةٍ.

فمِن الخطأ: أنَّ مَن انتهى مِن الفريضةِ يصلي النافلةَ مباشرةً.

الخطأُ الحادي عشرَ: الصلاةُ إلى غيرِ سُترةٍ، من أرادَ أن يُصلي فرضًا أو سُنَّةً فليجعَلْ أمامَهُ شيئًا يستترُ به، فإنَّ أمرَ السُّترةِ عظيمٌ في الشريعةِ، حتى ثبتَ في البخاريِّ عن ابنِ عمرَ L أنَّ النبيَّ كانَ إذا خرجَ ليُصلِّي بالناسِ العيدينِ في الصحراءِ، كانوا يُخرِجونَ معهُ سُترتَهُ .

فإذا قُمتَ تتنفَّل في بيتِكَ أو في المسجدِ، فتقدَّم إلى شيءٍ وصَلِّ إليه، وإنَّ مِن المحرَّمِ حُرمةً شديدةً أن يمُرَّ أحدٌ بينَ يديّ المُصلِّي وسُترتِهِ، روَى الشيخانِ عن أبي جُهيمٍ I أنَّ النبيَّ قالَ: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ».

اللهُمَّ يا مَن لا إلهَ إلا أنتَ، يا رحمنُ يا رحيمُ، اللهُمَّ علِّمنا ما ينفعُنا، وانفعنا بما علمتنا، اللهُمَّ تقبَّل صلواتِنا، اللهُمَّ اجعَلْنا مِن المصلينَ الخاشعينَ والمُتابعينَ لنبيِّك محمدٍ .

أقولُ ما قُلتُ، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفروهُ إنهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، أما بعدُ:

فإتمامًا للإخطاءِ:

الخطأُ الثاني عشرَ: مِن المأمومينَ المُتابعينَ للإمامِ مَن يُسابقونَهُ في ركوعِهِ أو سجودِه، وأحيانًا في الرفعِ مِن السجودِ، ولَو تفكَّرَ هذا المُسابِقُ فإنهُ لَنْ يخرُجَ مِن الصلاةِ قبلَ الإمامِ، فلماذا يُسابِقُهُ؟

روَى البخاريُّ ومسلمٌ عن أبي هريرةَ I في قومٍ يرفعونَ قبلَ الإمامِ، قال : «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟».

الخطأُ الثالثُ عشرَ: تركُ الأذكارِ بعدَ الصلاةِ، إنَّ بعدَ الصلاةِ وقتًا للذِّكرِ، ووقتًا للدعاءِ، تمهَّلْ يا عبدَ اللهِ، لا تستعجِلْ يا عبدَ اللهِ، احرِصْ على الأذكارِ بعدَ الصلاةِ ومن تِلكُمُ الأذكارِ ما روَى الإمامُ مسلمٌ عن أبي هريرةَ I أنَّ النبيَّ قالَ: «مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» وذلك أن يقولَ: سبحانَ اللهِ، الحمدُ للهِ، اللهُ أكبرُ، ثلاثًا وثلاثينَ «ثُمَّ قالَ تمامَ المائةِ -أي مرةً واحدةً- لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ على كُلِّ شيءٍ قديرٍ» -وليسَ في هذا الموضِعِ قولُ: “يُحيي ويُميتُ”- قالَ : « غُفِرَتْ خطاياهُ وإِنْ كانَتْ مِثلَ زَبَدِ البحرِ».

بَل مَن جلسَ في مُصلَّاهُ فإنَّ الملائكةَ تُصلِّي عليهِ، كما ثبتَ في الصحيحينِ عن أبي هريرةَ I: تقول الملائكةُ: اللهُمَّ اغفِر لهُ، اللهُمَّ ارحمهُ.

تخيَّل أنَّ عالِمًا جليلًا، أو عابِدًا فريدًا يدعو لكَ كُلَّ يومٍ، واللهِ إنكَ لتجِدُ بجهةً وسرورًا، فكيفَ إذا كانَ الذي يدعو لكَ الملائكةُ، ويقولونَ: اللهُمَّ اغفِر لهُ، اللهُمَّ ارحمهُ؟

اللهم ارحمنا بِرُحمَاكَ، واهدِنا بِهُداكَ، وتقبَّل صلاتنا وأعمالنَا.

نسخة للطباعة
تنزيل الكتاب
نسخة للجوال
تنزيل الكتاب

شارك المحتوى:
1