ما حكم إسقاط أحداث الملحمة الكبرى على الأوضاع الراهنة مع الجزم بذلك؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: إنه قد جاء عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– أحاديث فيها بيان ما سيكون من ملحمة كبرى وغيرها، وقد أفاد أهل العلم كالإمام أحمد أو غيره أن كثيرًا من أحاديث الفتن والملاحم لا تصح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم–، لكن ما صح منها أيضًا فإنه لا يصح أن يجزم بأن المراد بها كذا وكذا من الوقائع، فإن الجزم بذلك خطأ وقول على الله بغير علم.
لكن لو قال رجل من أهل العلم لا يستبعد أن يكون المراد بهذه الأحاديث الصحيحة واقعة كذا وواقعة كذا، من غير جزم، ويذكر أدلته والقرائن التي بنى عليها ظنه، فمثل هذا لا مانع منه، لكن من غير غلو ولا حماسة؛ لأنه ينبغي لطالب العلم أن يكون حذرًا، لِـئَـلا يقول على الله بغير علم، ولِـئَـلا يكون سببًا لفتنة الناس بأن يعلقهم بأمثال هذه الأحاديث وتنزيلها على بعض الوقائع، وغاية ما في الأمر أنه ظن.
وإنما ينبغي أن يدعو الناس إلى التوبة والرجوع إلى الله والإكثار من الطاعات، وأن الأهم في هذه الحياة أن نموت على طاعة الله؛ لنلقى الله راضيًا عنا، فإنا ما خُلِقنا إلا لهذا، سواء كان الأمر في سراء أو ضراء أو فتن أو غير ذلك، المهم أن نلقى الله راضيًا عنا، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث معقل بن يسار أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «العبادة في الهرج كهجرة إليَّ»، يعني: الذي يشتغل بالعبادة في وقت الفتن، وانشغال الناس بالقيل والقال، أجره أكثر من غيره، وهو كالهجرة إلى النبي –صلى الله عليه وسلم–.
فأسأل الله أن يعينني وإياكم جميعًا على الطاعة، وأن يجعلنا ممن يشتغل بما ينفع، وهو عبادته، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، وما ارتفع إلا بتوبة، فأدعو نفسي والمسلمين أجمعين أن نسرع إلى الله تائبين، وأن نكثر الدعاء بالخير لبلادنا ولبلاد المسلمين أجمعين، وأن ندعو الله أن يثبتنا على التوحيد والسنة، وأن يعيذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.