بسم الله الرحمن الرحيم
يُحاول دعاة حرية الاعتقاد (حرية الكفر بالله) تحريف كلام الله لتأييد وتصحيح طغيانهم، ومن الأدلة التي حرفوها لخديعة السُّذَّج والجُهَّال من المسلمين قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 62].
وتجلية هذا الافتراء على الله وعلى كتابه وعلى دينه كالتالي:
[1] الآية نفسها ترد على من يريد تصحيح ديانة من هم على غير دين الإسلام بعد نسخ وهيمنة الإسلام لسائر الشرائع والكتب السابقة ببعثة النبي ﷺ؛ فالآية تتكلم عن أتباع عيسى وموسى -عليهما السلام- قبل البعثة ممن تمسّك بالإسلام الحق الذي جاء به أنبياؤهم؛ وذلك أن الآية نصَّت على أنهم آمنوا بالله واليوم الآخر، ومقتضى (الإيمان بالله): إفراده بالعبادة والاستسلام لشرعه والإيمان بجميع رسله وكتبه، ومنهم نبيه محمد ﷺ كما يتبيَّن أكثر بالنقاط التالية:
[2] خرج بقوله تعالى: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ من أشرك بالله وعبد معه غيره، أو كفر بشيء من دين الله، أو اعتقد أمرًا كفريًّا، كما هو حال النصارى مع عيسى -عليه السلام-؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة: 73] وقال: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: 17] ثم إذا كان جميع الأنبياء والرسل قد قال الله عنهم: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88]
فلو أشرك أتباعهم لحبطت أعمالهم من باب أولى وأولى!
[3] خرج بقوله تعالى: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ من لم يؤمن بالنبي ﷺ ويتبعه؛ فإن الله تعالى قد أخذ العهد والميثاق على جميع الأنبياء والرسل أنهم إذا عاشوا حتى لقوا النبي ﷺ فيجب عليهم اتباعه، وأن شريعته ﷺ ناسخة لشرعهم، والقرآن ناسخ للكتب السابقة ومهيمن عليها كما قال سبحانه: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48].
وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 81-85].
فأتباع الأنبياء والمرسلين إن لم يتبعوا النبي ﷺ وشريعته، والكتاب الذي أُنزل إليه، فهم الفاسقون والخاسرون من باب أولى وأولى.