[سجناء الرأي الحقيقيون هم الحزبيون والإخوان المسلمون]
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعدُ:
فقد قرأت كلاماً مكتوباً يسمونه (التغريدة) على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» للدكتور جمال الزنكي بتاريخ 6/12/2012 من التاريخ الافرنجي فقال: (أمضيت عمري متخصصاً في تاريخ العالم، فلم أجد بعد جيل الصحابة؛ مثل القائد الرباني الذي يقود مصر اليوم، أسأل الله له السداد وحسن الخاتمة).اهـ
وقام بنشرها كي تصل لأكبر عدد يمكنه الوصول إليه، طلباً للنصرة، وجمعاً للمدد لحزب الإخوان المسلمين.
ولست معنياً بالكاتب، ولكن قوله يمثل ما عليه الأفراد والأتباع والأنصار لجماعة الإخوان المسلمين، فهذا قولهم وهو قد جعل من نفسه مثلاً لكل فرد متابع أو مناصر أو متعاطف أو منتسب لهذا الحزب الخرافة.
فالقول واحد! لماذا؟!
والعقل واحد! لماذا؟!
واللسان واحدٌ! لماذا؟!
بل كل الحواس الخمس لكل الإخوان المسلمين مجموعةٌ في واحد؛ لماذا؟! إنها الحواس الخمس لأمير الجماعة؛ المرشد العام، أسأل الله له الهداية والتوفيق.
ألا تعلمون أين موقعكم وكيف تفكرون وتُنَظّرون ؟! إنكم سجناء الرأي الحقيقيون، فمن منكم يملك من أمره شيئاً، بعد عملية إلغاء العقل، وجعله في صُرّة، وإرساله بالبريد المستعجل إلى مكتب الإرشاد؛ ليجد مكانه، ويحفظ مُصاناً في الأدراج، ويأتيكم التوجيه والأمر والإرشاد، الذي لا تحيدون عنه، ومن حاد فسيتم إبعاده إلى خارج البلاد؛ أعني طردة من دولة جماعة الإخون المسلمين التي في الأذهان.
وعودة إلى ما قاله د. جمال الزنكي سدده الله؛ الذي يمثل أنموذجا ومثلا للإخوان من الناحية العلمية والتاريخية ، وما يتبعه من السلوك والمفردات اللفظية مكتوبة كانت أو صوتية؛ آذت أسماع المسلمين بتشويههم للدين.
قال: (أمضيت عمري متخصصاً في تاريخ العالم).
أولا: وبعد هذا العمر الذي أمضيته؛ أَتجهل التاريخ أو تزوّر التاريخ أو تلغي التاريخ من أجل أن ترضي جماعة الإخوان المسلمين؟!
وهل تريد ممن يسمع لقولك دون نقدٍ وردٍ، أن يجهل التاريخ أو يسكت على عملية تزوير التاريخ أو يلغي التاريخ ؛ طلباً لرغبات جماعة الإخوان المسلمين؟!
ثانياً: أمضيت عمرك متخصصاً في التاريخ،
ولكن قضى الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين والانتصار لها؛ على عقلك، ومؤهلاتك العلمية، وطمس تاريخك أنت؛ ليصبح تاريخاً لجماعة الإخوان الحزبية، وهذا في قائمة: (فقه التضحيات)، الذي شربتموه من أيدي أمراء ونواب المرشد العام.
ثالثاً: نعم.. نعم؛ فلقد أمضيت عمرك متخصصاً في تاريخ العالم، وعند الانتساب لهذه الأحزاب والجماعات، التي بلغت المنتهى في التعصب، أصبحت متعصباً لما هي عليه، إنهم مولعون بالتعصب ، والتخصص الحزبي في كل شيء؛ فلن نَعْجَب عندما قلبوا التخصص ظهراً على عقب؛ فأخروجك متخصصاً في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين القصير (1928- 2012 بالتاريخ الإفرنجي)، فغيّروا التخصص لِيُلْقِي بِظِلالِه وظَلامِه على تاريخ الأمة الطويل الحافل بالأمجاد (1434سنة) من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وثلاثة عشر عاماً قبل الهجرة، فأحدثوا في تخصص الأتباع، وحرّفوا في دينهم ليغاير ما عليه المسلمون، وللقضاء على تاريخ المسلمين، واستبدال تاريخ الأمة بتاريخ حزب الإخوان المسلمين.
قال : (فلم أجد بعد جيل الصحابة؛ مثل القائد الرباني الذي يقود مصر اليوم ).
قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]، وقد روى البخاري (2652)، ومسلم (2533) في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُ الناس قَرْني، ثمَّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
أولاً: هذا ينبئ عن جهل هذه الجماعة بالنصوص الشرعية، ففي قوله: (خيرُ الناس قَرْني، ثمَّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)؛أي: أن هذه القرون فيها خيار من الخيار من الأمراء والحكام والخلفاء والعلماء بدليل النص والعقل، فأين دليلك على ما ذكرت: (فلم أجد بعد جيل الصحابة؛ مثل القائد الرباني الذي يقود مصر اليوم)، بالنص والعقل؟!
ثانياً: 1-هل تريدون منا أن نلغي كلام الله سبحانه وتعالى، من أجل جماعة الإخوان المسلمين ؟!
2-هل تريدون إلغاء السُّنة، وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أجل جماعة الإخوان المسلمين؟!
3_هل نزوّر التاريخ ونعتدي عليه، ونبدأ بتعلم التاريخ من جديد ؟!
4-أم هل نبدأ بقراءة التاريخ من الورقة الأخيرة والسطر الأخير، نبدأ من تاريخ 1434هـ ونعود حتى نصل إلى أول سطر في الورقة الأولى ليكون الآخر في عصرنا قدوة للأول في عصور الصحابة والتابعين؟!!
5-قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾، ضاقت مساحة التاريخ في ذهن الكاتب ،فلم يجد من اتبع الصحابة بإحسان إلا الإخوان المسلمين، سبحانك هذا بهتان عظيم؛ هجوم شرس لا مثيل له على تاريخ هذه الأمة بأمرائها وعلمائها وعبادها وجموعها.
(الزهد والتزهيد بغير حزب الإخوان المسلمين، والاستعلاء على جماعة المسلمين كافة)
6- هذا زهد وتزهيد للناس بزمن ورجال أخيار؛ أجيال من المسلمين امتدت لأكثر من 1400سنة.
ثالثاً: 1-الإخوان المسلمون يعتقدون أنهم إن لم يكونوا بمستوى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن من بعدهم دونهم، فهم لا يتقدمهم أحد سوى الصحابة رضوان الله عليهم.
2-ولذا لا بد من إلغاء 1400سنة من تاريخ الأمة وجعل تاريخ الإخوان المسلمين مكانه وهذا الذي كتبه الدكتور وانتُقد عليه- أسأل الله له الهداية.
3_فأسقط الكاتب المرحلة التاريخية ما بين زمن الصحابة رضي الله عنهم، وبداية تاريخ حزب الإخوان المسلمين. وفيه طعن ضمني بأفاضل التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى مرحلة الإخوان المسلمين، ولولا الحياء لتكلموا في الصحابة رضي الله عنهم، ولهم سلف من الحزب نفسه، في الطعن في السلف وممارسة الإلغاء التاريخي.
4-وهذا ليس بجديد ولا بغريب على ذلك الحزب، وما يحمله من تعصب جاهلي، فقد طعن سيد قطب في الصحابة في كتابه (كتب وشخصيات، ص 242، ط 1403- 1983- دار الشروق)؛ في معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأسقط مرحلة حكم الخليفة الشهيد عثمان بن عفان رضي الله عنهم من الخلافة الراشدة، وفيه طعن بعثمان، فكيف بمن بعدهم من التابعين إلى تاريخ الإخوان المسلمين؟! (وهذا لاينكره أحد فما زال يطبع في كتبه)، ولم يعتذر أو يتراجع الإخوان عنه!!
(كشف الحساسية من مفردات: سلف وسلفية وسلفيين عند سجناء الرأي؟!)
5-وهنا يجب أن يتنبه المسلمون للحساسية المفرطة من كلمة سلف وسلفية وسلفيين، عند الإخوان المسلمين؛ فإنهم يطعنون في ذلك الجيل الذي زكّاه الله في كتابه وسُّنة نبيه، كما تقدم ذكره: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]، و «خيرُ الناس قَرْني، ثمَّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
رابعاً :
1- هل يريد الإخوان أن نطمس التاريخ أم نلغيه؟
2- هل من أجل الإخوان نقوم بتحريف دين المسلمين؟
3- وهل من أجل الإخوان المسلمين يجب علينا أن نلغي عقولنا؟
4- ما هذا الغلو؟! أتجعل الرئيس مرسي- وفقه الله- في مرحلة أفضل من أمراء وخلفاء منذ 1400 سنة؟
5- وهل من أجل رضا الإخوان تمارس الاستدراك على أكابر علماء الأمة من لدن الصحابة حتى يومنا هذا؟!
والحمد لله رب العالمين،،، يتبع
د. عبد العزيز بن ندى العتيبي