يقول السائل: كيف تحرم الحائض؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن الحائض تحرم كغيرها، من مرت على الميقات وهي تريد الحج أو العمرة ولو كانت حائضًا، فإنه يجب عليها أن تحرم باتفاق المذاهب الأربعة، لحديث ابن عباس في الصحيحين: «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مَنْ أراد الْحَجَّ أوَ الْعُمْرَةَ».
ولو تجاوزت الميقات من غير إحرام فهي آثمة.
فلذلك تحرم وتغتسل إلى آخره، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس لما نفست: «أن تغتسل»، كما في حديث جابر عند “مسلم”، فإذا أحرمت تذهب مع الناس، وتفعل كل شيء إلا أنها لا تطوف في البيت، وفي زمننا هذا يقال: لا تسعى، لأنه لا يصح للحائض أن تدخل المسجد.
فإذا طهرت بعد ذلك، فإنها تذهب، وتطوف، وتسعى، وتقوم بمناسك الحج.
فإذًا الحائض تفعل كما يفعل غيرها، تقف بالبيت، وتقف بعرفة، وتدفع إلى مزدلفة، ثم ترمي الجمرات إلى آخره. إلا أنها لا تطوف بالبيت، وأيضًا لا تسعى.
فإذا طهرت طافت وسعت؛ لما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنها قالت لما جِئْنَا سَرِفَ حضتُ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تطهرين»، وفي رواية مسلم: «حتى تغتسلين».
وبعض الناس يجهل مثل هذا، فإذا حاضت المرأة ومروا بالميقات فإنهم لا يحرمون بهذه المرأة، ولا يأمرون هذه المرأة أن تحرم، وقد لا تُحرم هي لجهلها، ثم بعد ذلك إذا تطهرت ذهبت إلى التنعيم وأحرمت، وهذا خطأ.
ومن فعلت ذلك فإن عليها دمًا، لأنها تركت واجبًا وهو الإحرام من الميقات، وأيضًا هي آثمة؛ لأن الإحرام من الميقات واجب باتفاق المذاهب الأربعة على ما تقدم ذكره، بل واجب أن تحرم من الميقات، ثم تبقى وتفعل ما يفعل الحاج، إلى أن تطهر، فإذا طهرت طافت وسعت.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمَنا، وجزاكم الله خيرًا.