هل نحن بحاجة إلى تعلم آدابها؟!
سعى الإنسان طوال حياته في البحث عن المعرفة والعلم،وذلك لتطوير البيئة لخدمته،ومنذ ذلك وهو يحاول الوصول إلى المعرفة والإبداع والاختراع،وذلك نتيجة حاجاته الشديدة لهذه التقنية،ومنذ وصول الإنسان إلى التقنية لم تتوقف طموحاته،بل سعى إلى المزيد من التطوير والمزيد من التوصل إلى التقنية،والتي أصبحت توفر كل وسائل الرفاهية والرعاية والخدمات للإنسان في كافة المجالات المتعددة للحياة سواء من الناحية الإنتاجية والاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها،وفي سعي الإنسان لإشباع حاجاته كان يفكر في ثورة من المعلومات والبيانات وتكنولوجيا الاتصالات لخدمته في كافة البيئات،وتسهيل حصوله على الموارد والخدمات،واختصار للوقت والمسافات،ونتيجة لسعى الإنسان الدائم للوصول إلى تقنية الاتصالات،وتقنية المعلومات حقق كثير من النجاحات،وخاصة في القرن العشرين،والذي يلقب بعصر الانفجار المعرفي والمعلومات حتى أصبح العالم اليوم مثل القرية الصغيرة يستطيع أن يتواصل مع كل أفراده بحيث يستطيع أن يشتري ويبيع ويحصل على كافة المعلومات والبيانات في جزء من الثانية،ونستطيع أن نتعرف على كاف الظروف والعوامل والمشكلات التي يعيش فيها البشر في أماكن متعددة، إلا أن ظهر نتيجة هذه التقنية السريعة بعض الأفراد في كافة المجتمعات،والذين يحاول تطويع هذه التقنية لأغراضهم السيئة في تحقيق أهداف رخيصة وخبيثة تعمل على ابتزاز مالي وأخلاقي في المجتمع،وتضر بكيان المجتمع واستقراره،وتعمل هذه السلوكيات على التأثير السلبي على المتجمع من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية.ويتردد الحديث عن الآثار السلبية لاستخدام التقنية بكافة أشكالها تزامناً مع الثورة التقنية التي يشهدها العام هذه الأيام. ولعل أكثر من يمكن أن يتأثر بهذه التقنيات سلباً أو إيجاباً هو فئة المراهقين،وذلك لسببين: أولهما أن هذه الفئة هم الغالبة العظمى من المستخدمين،وثانيهما أن المراهقة تعتبر في سلم التطور البشري،مرحلةانتقالية بين الطفولة والرشد،يعتزيها كثير من التغيرات النفسية والجسمانيةوالاجتماعية. فمنذ انتشار التقنية،ومشاكلها وتبعاته تزداد،فقد قادت إلى الكثير من المشاكل وما زالت،إن هذه التقنية قد تقود إلى التعدي على حرمات الله وشعائر الله،وحدود الله،ولا يمكن لمؤمن ينبض قلبه بالإيمان أن يرتكب مثل هذا الجرم،وحتى لو وقع في خطأ،فإنه يعلن التوبة والندم ويستتر،ففي قلب المؤمن حياء وعفة ولا يجاهر أبداً بالمعاصي والذنوب. إن التقنية الحديثة نعمة من نعم الله،ولا بد من الاستفادة منها في الخير بجميع أشكالها فهي تقوم بدور مهم،وتقدم خدمة جليلة،وتوفر جهداً كبيراً،سواء في الوقت،أو في المال إلا أنني أكد على وجوب أخذ الحيطة من وضعها في أيدي السفهاء،والواجب – أيضاً – على المتلاعبين بالأعراض أن يحذروا عاقبة أمرهم،وأن يراقبوا ربهم،وأن يستحضروا اطلاعه عليهم. فواجبنا شكر هذه النعم باستغلالها في الاستعمال المناسب لها،وتسخيرها فيما يعود علينا بالنفع والفائدة من قراءة القرآن ،وقراءة الأحاديث،والحكم النافعة،وتلقي الأخبار المهمة،والفوائد المتناثرة،والاستفادة منها في مجالات الدعوة. فالجميع بحاجة إلى وعي تام بالثقافة التقنية التي تكاد تكون أمراً مستحيلاً،لوجود رفض لإخضاع الثقافة للتقنية،فمن غير الممكن تصنيع الثقافة كما تصنع الحاسبات؛لأن الثقافة بطبيعتها تراكمية تكونها الأجيال المختلفة،ويفترض أن الثقافة تمتلك تأملاً نقدياً للحياة،وتطلب كذلك وجود مسافة ما بين الإنسان والحياة التي يعيشها حتى يستطيع تقييمها.وهذه العملية لا يمكن أن تتم بسرعة،إذ إنه من الصعوبة الابتعاد عن التقنية لاعتبارات متعددة،منها أن هذا الابتعاد يتطلب قدراً معيناً من الزمن،وهو ما يعني أن التقنية تكون قد تقدمت عشرات المرات،وحينما نصل إلى نتيجة ما نكون قد تأخرنا،وبالتالي تكون الثقافة غير مستقرة،ومن الصعب في هذه الحالة الحديث عن ثقافة مجتمعية. وأعتقد أن التقدم التقني يثير في كل مرحلة مزيداً من المشكلات الأعقد أكثر مما يساهم في حلها،ومن الضروري المقارنة بين المشكلات التي حلتها التقنية،وبين تلك المشكلات التي أوجدتها؛لأن كل تقدم تقني مصمم لمواجهة عدد محدد من المشكلات،كما أن الآثار الضارة للتقنية لا يمكن فصلها عن الآثار النافعة. والإيجابيات والسلبيات شيء موجود في كل ما نستخدمه من تقنيات العصر،والإنسان أمام ذلك مخير بين الاستخدام السلبي أو الإيجابي الذي يؤثر كل منهما في مجتمعه. وعلى ماسبق أوصي المؤسسات الاجتماعية في التعامل مع إساءة استخدام التقنية الحديثة،والتي أصبحت تنتشر في كافة دول العالم بصفة عامة،والمجتمعات النامية بصفة خاصة،وذلك لوضع إجراءات للتعامل معها.