أقوال العلماء في وقت صلاة الجمعة ثلاثة ، فما الصحيح ؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
حديث سلمه بن الأكوع رضي الله عنه : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف، وليس للحيطان ظل نستظل به، ألا يدل على أن وقته يدخل في الساعة السادسة، ثم قال: أقوال العلماء في وقت صلاة الجمعة ثلاثة، الأول: أن وقتها وقت الظهر، والثاني: أن وقتها يدخل في الساعة السادسة، والقول الثالث: أن وقتها كوقت صلاة العيد، فما الصحيح في ذلك؟ وهل القول الثاني وجيه؟
يقال: الذي يظهر -والله أعلم- أن وقت صلاة الجمعة يدخل كوقت صلاة الظهر-، وهو مذهب جماهير أهل العلم، فهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية، وهو الذي عليه أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنه وجمع من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد ثبت عند ابن أبي شيبة: «أن أبا بكر وعمر صلَّيا الجمعة لما زالت الشمس».
وثبت أيضًا عند ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه : «صلى الجمعة لما زالت الشمس».
وثبت أيضًا ذلك عند ابن أبي شيبة عن عمرو بن الحُرَيث، فهذا هو الثابت عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما ما جاء من رواية عبد الله بن سِيدان: «أن أبا بكر وعمرو صلوا الجمعة قبل ذلك، أو قبل زوال الشمس»؛ فإن هذا الإسناد لا يصح؛ لأن عبد الله بن سِيدان مجهول جهالة حال، فعلى هذا لا يصح عن الخلفاء الراشدين -والله أعلم- إلا أنهم صلوا بعد زوال الشمس.
أما حديث سلمة بن الأكوع فظاهر الرواية التي نقلها السائل يدل على أنه صلى قبل الزوال، أي: قبل وقت الظهر، لكن هذه الرواية محمولة -والله أعلم- على العجلة، وقِصر الخطبة.
ويدل لذلك الروايات الأخرى التي تفسرها، وهو ما أخرجه مسلم عن سلمه بن الأكوع رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة لمازالت الشمس»، فدل هذا على أن المراد في حديث سلمة: التعجيل بالخطبة وعدم الإطالة بها، وليس المراد به -والله أعلم- أنه صلاها قبل الزوال بدلالة الروايات الأخرى في صحيح مسلم التي تقدم ذكرها.
فلذا الأظهر -والله أعلم- أن الجمعة إنما تصلى بعد الزوال، ويستوي في ذلك الخطبة والصلاة؛ لأن بعضهم يخطب قبل الزوال، ثم يصلي بعد الزوال، ويقال: هذا فيه نظر، بل وقت الجمعة سواء أن كانت الخطبة أو الصلاة كلها تبتدئ بعد الزوال، كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الخلفاء الراشدين؛ لأن وقتها كوقت صلاة الظهر على ما تقدم تقريره.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا وجزاكم الله خيرًا.