أليس حديث: “رخص في الحجامة للصائم” صريحًا في نسخ الأدلة التي دلت على أن الحجامة مفطِّرة؟
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
أليس حديث: “رخص في الحجامة للصائم” صريحًا في نسخ الأدلة التي دلت على أن الحجامة مفطِّرة؟
يقال جوابًا على هذا السائل: صحّت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الحجامة مفطرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخرجه أصحاب السنن: ((أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ))، وصح الحديث عن الإمام أحمد وغيره.
أما حديث: ((رخَّص في الحجامة للصائم))، فقد أخرجه النسائي في “الكبرى” عن أبي سعيد، هو ليس صريحًا في النسخ؛ وذلك لأمر مهم ينبغي أن يُفْهَم، أن هناك فرقًا بين الاستعمال الشرعي وبين الاستعمال والاصطلاح الأصولي.
فإنه عند الأصوليين إذا قالوا: رخَّص، فهو يكون بعد حظرٍ، وهذا بالخلاف رخَّص في الشرع؛ فإنها بمعنى التسهيل، وقد تكون ابتداءً، وألا تكون مسبوقة بحظر، أفاد هذا الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب “تهذيب السنن”، والصنعاني في “سُبل السلام”.
ففي حديث ابن سعيد قال: ((رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم)) لا يستلزم ولا يدل على أنه كان محظورًا قبل ذلك، وإنما قد يقال رخص أي ابتداءً ذكر هذا الحكم وأطلق عليه الترخيص، لأن فيه سهولةً.
فإذن بالمعنى الشرعي واللغوي يقال: رخص، ولو كان ابتداءً، ولم يكن ناسخًا لأن فيه معنى السهولة بخلاف المعنى الاصطلاحي.
ومن الخطأ الكبير أن تفهم الأدلة الشرعية بالمعاني الاصطلاحية.
فيجب أن يُفرَّق بين المعني الاصطلاحي والمعني الشرعي؛ وفهم الأدلة الشرعية بالمعني الاصطلاحي من تحريف الكلم، ذكر هذا شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كثيرًا عند بحث التوسل، وذكره أيضًا الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ،كذلك عند بحث التوسل، وأن فهم أدلة الكتاب والسنة بالاصطلاحات الحادثة من أسباب تحريف الكلم.