أهمية العلم
أحمد بن ناصر آل عبدالله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}أما بعد،،،
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتُها، وكل
محدثةٍ بدعةٍ، وكل بدعةٍ ضلالةٍ، وكل ضلالةٍ في النار.
عباد الله : اسْتَشْهَدَ اللهُ أَهْلَ الْعِلْمِ عَلَى أَشْرَفِ مَشْهُودٍ بِهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَقَرَنَ شَهَادَتَهُمْ بِشَهَادَتَهِ وَبِشَهَادَةِ مَلائِكَتِهِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وَكَفَاهُمْ ذَلِكَ شَرَفًا وَفْضَلًا وَجَلالَةً وَنُبْلاً.
ومَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْعِلِمِ فَقَدْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا، وَمَنْ لم يرد الله به خيرا فعلامته عدم الرغبة في العلم وحضور مجالسه ومحاضراته ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين”. مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
الْعِلْمُ طَرِيقُ الْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، وَسَبِيلُ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ
اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ”. رَوَاهُ مُسْلِم.
أُمَّةَ الإسْلامِ: لَقَدْ تَكَاثَرَ كَلامُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ لِأَنَّهُمْ عَرَفُوا قِيمَتَهُ وَرَأَوْا أَهَمِّيَّتَهُ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: “مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتَّينَ سَنَة”.
وَعَنْ عَلَيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: “كَفَى بِالْعِلْمِ شَرَفًا أَنْ يَدَّعِيَهِ مَنْ لا يُحْسِنُهُ، وَيَفْرَحُ إِذَا نُسِبَ إِلَيْه، وَكَفَى بِالْجَهْلِ ذَمًّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ مَنْ هُوَ فِيهِ”.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-: “لا شَيْءَ يَعْدِلُ الْعِلْمَ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ؟! قَالَ: أَنْ يَنْوِيَ بِهِ رَفْعَ الْجَهْلِ عَنْ نَفْسِهِ وَرَفْعَ الْجَهْلِ عَنْ غَيْرِه”.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: “طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ النَّافِلَةِ، ولَيْسَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ، وَمَنْ لا
يُحِبُّ الْعِلْمَ فَلا خَيْرَ فِيهِ).
عباد الله ألا وإن من علامات الساعة ضعف الاقبال على العلم وعد تمييز حملته الصادقين الراسخين ومن ثم نتج جيل لا يميز بين السنة والبدعة ، وآخر تهالك في الفتن قال الإمام أبو شامة: ” وأكثر ما أُتي الناس في البدع بهذا السبب؛ يُظَنُّ في شخص أنه من أهل العلم والتقوى، وليس هو في نفس الأمر كذلك )
ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: (ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد بعدي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:(إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل) وفي لفظ 🙁 ينقص العلم ) وفي لفظ 🙁 يقبض العلم ) واذا أطلق لفظ العلم في القرآن والسنة فالمراد به علم الكتاب والسنة الموروث عن إمام العلماء محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل فيه علوم الدنيا كالحساب والطب ونحوها .
روى ابن ماجه وصححه الألباني عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة )
قال الحافظ النووي: (المراد بقبض العلم .. ليس هو محوه من صدور حفاظه ولكن معناه: أن يموت حملته, ويتخذ الناس جهالاً يحكمون بجهالاتهم, فيَضِلُّون ويُضِلِّون)
وقال الإمام الطرطوشي ـ رحمه الله ـ: لا يُؤتَى الناسُ قط من قِبَل علمائهم، وإنما يُؤتَوْن من قِبل أنه إذا مات علماؤهم أفتَى مَن ليس بعالم، فيُؤتَى الناسُ من قِبَله، قال: وقد صرَّف عمر – رضي الله عنه – هذا المعنى تصريفاً فقال: ( ما خان أمين قط، ولكن ائتُمن غير أمين فخان )، قال: ونحن نقول: ما ابتدع عالِم قطّ، ولكن استُفتي مِن ليس بعالم فضلّ وأضلّ، وكذلك فعل ربيعة؛ قال مالك: بكى ربيعةُ يوماً بكاءً شديداً، فقيل له: أمصيبة نزلت بك؟ فقال: ( لا! ولكن استُفتي مَن لا عِلم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم )
روى البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني عن زيد بن وهب قال سمعت بن مسعود يقول : إنكم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه قليل سؤاله كثير معطوه ، العمل فيه قائد للهوى ، وسيأتي من بعدكم زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه كثير سؤاله قليل معطوه ، الهوى فيه قائد للعمل اعلموا أن حسن الهدي في آخر الزمان خير من بعض العمل )
ومراد – ابن مسعود رحمه الله – أنه كان في زمان الأمر واضحا والصراط المستقيم جليا وأصحاب رسول الله متوافرون – صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم – والأمور متبينة، السنة سنة والبدعة بدعة والمعروف معروف والمنكر منكر والحق حق والباطل كما قال هو – رضي الله عنه – لأصحابه :(كيف بكم إذا لبثتكم فتنة يهرم فيها الكبير ويشب فيها الصغير يكون المعروف فيها منكرا والمنكر معروفا والبدعة سنة والسنة بدعة حتى إذا غيرت البدعة قال الناس غيرت السنة، قالوا: متى ذاك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: إذا كثر قراءكم وقل فقهاؤكم وكثر أمراؤكم وقل أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة وتفقه لغير الدين) .
عباد الله : إن لم يطلب العلم من أهله وبسبيله القويم وإلا وقعنا فيما حذر منه ابن مسعود رضي الله عنه .
أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ، وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: عباد الله : إن عدم معرفتنا الفرق بين العالم والخطيب أو الواعظ أو الداعية أو الدكتور هو بليتنا في هذا الزمان .
فإن من الناس من يظن أن كل من خطب خطبة أو اعتلى منبرا أو قناة متأسلمة أو اشتغل بالدعوة صار بذلك من أهل العلم فاتخذ الناس رؤوساًجهالاً، فتربعوا على عروش الإعلام، ومقاعد الشهرة، فضلوا وأضلوا، فدعوا العامة إلى البدع وميعوا البراءة منهم ، وقرّبوهم من أهل الضلال كالرافضةوالصوفية وغيرهم، وساقوهم إلى صراع الحكومات، ودماء الثورات ، وقالوا:فليموتوا! فكم زهقت بهم الأمة، وانتشر الجهل، وظهرت الزندقة، وتسلل إلىديار المسلمين العدو، وغاب الأمن، وفشى القتل.
فالله حسب المؤمنين منهم وهو نعم الوكيل، فكم جروا العظائم على الدين .
إننا في زمان خاف علينا النبي صلى الله عليه وسلم من الأئمة المضلين كما روىمسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(إنما أخاف على أمتي الْأئمةالمضلين )
فالحذر أن يخدعوكم: بحلاوة الكلام، والتظاهر بالتدين أمام الأعين! وهميختلون الدنيا بالدين!
ويتكسبون باللحى، ومكانتهم بين الناس، وقد جاء في الحديث عند الترمذيوفيه ضعف:( أنه يكون في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسونللناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم قلوب الذئاب،يقول الله تعالى: أبي يغترون ، أم علي يجترئون؟ فبي حلفت، لْأبعثن على أولئكمنهم فتنة تدع الحليم منهم حيران )
اللهم إن نعوذ بك من الفتن وأهلها ودعاتها ، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا و ولاة أمورنا و اجعل ولايتنا في من خافك و اتقاك و اتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم من أرادنا وشبابنا ونساءنا و علمائنا و ولاة أمرنا و جنودنا بسوء اللهم رد كيده في نحره و اجعل تدبيره تدميرا عليه يا سميع الدعاء اللهم اهتك ستره اللهم اهتك ستره واكفناه بما تشاء إنك أنت القوي العزيز.
اللهم كُن لإخواننا المُستضعَفين في دينِهم في سائر الأوطان، اللهم كُن لهم ولا تكُن عليهم، اللهم انصُرهم على من بغَى عليهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل شأنَ عدوِّهم في سِفال، وأمرَه في وَبال يا حي يا قيوم .
اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب وهازم الأحزاب
أهزم الحوثين وأذنابهم اللهم شتت جمعهم بقوتك .
اللهم بكرمك امنن على عبادك عسكر الاسلام وجنود التوحيد بصبر ونصر ، اللهم قوِّ عزائمهم , واربط على قلوبهم , اللهم اشف جريحهم وتقبل شهيدهم واقطع
دابر شانئهم .
اللهم راحم المستضعفين ومغيث المستغيثين وجابر كسر المكسورين اللهمّ أنت الله لا إله إلاّ أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهم أغثنا، اللهمّ أغثنا غيثًا مُغيثًا مريئًا مجلّلاً، عاجلاً غير آجل، نافعًا غير ضار
، اللهم زدنا ولا تنقصنا وأعطنا ولا تحرمنا .
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .