أولادنا والألعاب الإلكترونية
أحمد بن ناصر آل عبدالله
أولادنا والألعاب الإلكترونية
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
أمَّا بَعْدُ: فإنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وخَيْر الهدي هدي مُحَمَّدٍ، وشَرّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وكُلّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ.
عباد الله: إن الأولاد من أعظم نعم الله التي يمنُّ بها على مَن يشاء مِن عباده، (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾.
ولهذا أوجب الله على الولي أن يحوطهم برعايته ومَن فرَّط في ذلك، فقد ورد في ذلك الوعيد الشَّديد؛ فعن معقل بن يسار قال: سمِعْت النَّبيَّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – يقول: (ما مِنْ عبدٍ استرْعاه الله رعيَّة فلم يَحُطْها بنصيحة، إلاَّ لَم يجد رائحة الجنة) رواه البخاري ومسلم.
وعندهما عن ابن عمر – رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)
عباد الله: ومع ثقل المسؤولية ووجود العديدَ من المخاطر التي تُحيط بأبنائنا، والمجتمع قد اكْتوى بنارها، وتجرَّع مرارتها، والعجيب أنَّ الكثير منها: يكون الآباء هم السبب الْمُباشر لها، بتمكين أبنائهم من فعلها، وعدمِ إرشادهم وتحذيرهم منها بسبب الجهل بأخطارها أوعدم المبالاة.
ومنها هذه الألعابُ الإلكترونية، التي غزتْ أكثرَ البيوت، وأخذت أكثر أوقات الشباب والفتيات حتى أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية، وذلك نتيجة التطور والتقدّم التقني، وما يتمُّ طرحه بشكل شبه يومي من أجهزة وألعاب، وباتت هذه الألعاب تجذب الأطفال بالألوان والرسومات والمغامرات والخيال، وأدى انتشار هذه الألعاب إلى بروز دورها بوضوح في حياة الأولاد.
ولاستحواذها يرى كثير من الآباء والأمهات أنَّ في هذه الأجهزة والألعاب الإلكترونية فوائد كبيرة، حيث أنَّها تحدّ من خروج الأبناء إلى خارج البيت، وأنَّها بمثابة المعوض لهم بعدم الخروج بأطفالهم إلى خارج المنزل سفرا أو سياحة، نظراً لأنَّ لديهم ارتباطات أو مشاغل لا يستطيعون معها تلبية احتياجات أطفالهم.
وبما أن الأطفال والمراهقين يسهل تجنيدهم اضعف ما لديهم من معلومات كافية أو ثقافة عالية فيسهل إقناعهم وبلورة أفكارهم وزرع المفاهيم المرادة لديهم.
وأعظمها ما يتعلق بالعقيدة، فكان غزوهم من خلال هذه الالعاب، فضمنت تقديسا للصليب وإحياءه الموتى والتصرف في الكون بجميع صورة مما يضعف عقيدة الطفل بربه.
ومن تلكم الألعاب ما يكون تعليما للجريمة والقتل، بل ويتقمص الابن الدور في بعض هذه الألعاب ليخرج لنا شابا عدوانيا سفاكا للدماء يسهل اقتناصه من الجماعات الإرهابية.
ومن ذلكم ما بدأ ظهوره قبل عامين من ألعاب أصدرها تنظيم “داعش” بعدة إصدارات، موجهة للفئة العمرية من 12 عامًا إلى 19 عامًا، وتتم على عدة مراحل تبدأ بالقتال، ثم التفجير إلى تحرير المناطق، حاملا شعاراتهم متقمصا خلالها اللاعب دور أحد أفراد التنظيم المتطرف الذي يقوم بعمليات قنص، واشتباكات، وسرقة السيارات، وفك القنابل، والذبح، وتفجير المساجد والمنازل، وخلال ذلك ينفذ عناصر التنظيم عمليات إرهابية ضد قوات عسكرية، ومنشآت بمختلف أنواع الأسلحة، ويظهر في الخلفية اناشيد جهادية تدعو للقتل، ويعطون اللاعب دور مناصب قيادية حتى يتم التواصل المباشر معه، ويعرضون فيها تغريداتهم وحساباتهم.
ومع خطورة هذا الا أن الله ما أنزل داء الا وجعل له دواء، قد يستثقله البعض ويغفل عنه آخرون، إلا أن الأهم الوقاية قبل المرض، وأعظم الوقايات تربية الابن على تعظيم الله ورسوله وشريعة الإسلام، وعلى الخوف من الله ومراقبته سبحانه مراقبة ذاتية.
ومن الوقايات الترابط الأسري:فمتى كانت الأسرة مترابطة متحدة، متآلفة على الخير والاعتقاد السليم، كان ذلك سببا في حفظ النشء من سيء الاعتقاد والعمل والسلوك وكان ذلك مانعاً من إنحرافه إلى خارج الأسرة بعقيدة، أو فكر مخالف للحق، أو حق شاذ، أو سلوك منحرف.
وكذا الترابط الاجتماعي أصل وأساس في حفظ المجتمع الصحيح الاعتقاد من أن تنصرف ناشئته إلى ما لم يكن عليه هذا المجتمع من صحيح الاعتقاد، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفقد رَحِمَه فيصلهم ويكرمهم، وكذا جيرانه، وأصحابه.
عباد الله: والحلول كثيرة لتخفيف سلبيات هذه الألعاب لأن القادم أسوأ إن لم نتدارك القضية ومنها:
1-ألا يكونوا في عزلةٍ أثناء لَعَبِهم، بل يجب أنْ يكونوا في
مكانٍ مكشوف، والتحدث معهم فيما يشاهدون ثم توجيههم التوجيه الصحيح.
فيكون الأب على اطلاع بمحتويات الألعاب والتي قد يكون ظاهرها البراءة وهي تحوي الجريمة وهدم الأخلاق.
2- ومن الحلول للحد من اضرار تلكم الألعاب عدم السماح للأولاد بإحضار أشرطة عن طريق التبادل مع الزملاء بل يتم شراء جميع الأشرطة بواسطة الوالد أو عن طريق إشرافه.
وعليه فلا بد من الوقوف جميعا أمام محلات الألعاب التي تروج الألعاب الممنوعة والتبليغ عنهم حرصا على أبنائنا.
3- ومن الحلول تقنين وقت اللعب بهذه الألعاب وتحديده على أن يكون اللعب بوجود أحد الوالدين وتحت إشراف أحدهما على الأقل وألا يترك الولد للعب في غرفة خالية وتشجيعهم على مزاولة الألعاب الجماعية، وحضور الجلسات العائلية ورفع الحواجز بين الآباء وأبنائهم.
معاشرَ الإخوة: أكثر الأوْلاد إنَّما جاء انحِرافهم عن الصِّراط المستقيم من قِبل آبائهم وإهمالهم لهم، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفِعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كبارًا، وهذا في الغالب؛ لكن لا يلزم من انحِراف بعْض الأولاد أن يكون ذلك بسببِ تفْريط الأبوَيْن في التَّربية، فقد يبذل الأبَوَان وسْعَهما في التَّربية من الصِّغَر، ثمَّ يحصُل من بعض الأولاد جنوحٌ عن الصِّراط المستقيم، فالأنبياء هم سادة المربِّين، ومع ذلك لم يستطيعوا هداية أشدِّ النَّاس لهم قربًا، فمثلاً نوح بذل وُسْعَه في سبيل استِصْلاح ابنه، ولَم يفتُر في دعوته وبيان مغبَّة الطَّريق الَّذي سلكه حتَّى آخر لحظة، ولَم تثمِر دعوته في هداية ابنه؛ لحكمة أرادها الله.
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
عباد الله: ومما تغافل عنه كثير من الأولياء تعميق التوحيد في نفوس الأبناء بتعظيم خطر البدعة وحملتها، وإماتتهم للسنة، وأنهم أشد خطرا وأشر من أهل المعاصي بالإجماع كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، والتباس حالهم على كثيرين بما يظهر من حسن مقصدهم، وتعبدهم لله بها جهلا، ومن أولئك من تزي باسم الجهاد كذبا وزورا كداعش وما انفتقت منه وهي القاعدة والأم لذلك النسل المشوه جماعة الإخوان المسلمين والتي خرج من جناحها العسكري كل تلك الجماعات الضالة كما صرحوا بذلك. ويربى على السمع والطاعة بالمعروف لولاة الأمر بغير معصية الله، ويرشد لأهمية ذلك ويبين له ثمرات هذه العقيدة السلفية وأثرها على الأمة. كما جاء في النصوص الثابتة في الكتاب والسنة.
وإن مما تفخر به هذه البلاد وقادتها السير برفع راية الجهاد سيرا على سنن أسلافها الأوائل بقيادة إمام بلاد الحرمين الملك سلمان وفقه الله ضد الحوثيين الروافض، وهذا هو الجهاد الشرعي الذي توافرت شروطه تحت راية معلومة لا راية عمية ومع ولي الأمر وبإذنه وإذن الوالدين، وهذا هو الجهاد الذي يرجى للقتيل فيه الشهادة لا تلك القتالات البدعية في مواطن الفتن.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يقينا وجميع المسلمين شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يصلح لنا أزواجنا وأولادنا وبيوتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عباد الله: ِإنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين
اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة وجنبهم بطانة السوء
اللهم عليك بالخوارج المارقة وعلى رأسهم جبهة
النصرة وتنظيم القاعدة، اللهم لا ترفع لهم راية واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، اللهم اهتك سترهم ومكن منهم جنود الإسلام.
اللهم فرج عن اخواننا في سوريا والعراق وبورما وأفغانستان واليمن وفلسطين وفي كل مكان، اللهم اجعل لهم من كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية وأظهر في بلادهم الأمن والإيمان برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انصر جندنا عسكر الاسلام، اللهم اربط على قلوبهم، وسدد رميهم وأنصرهم وأقر أعيننا بتطهير بلاد اليمن من الحوثيين الروافض يا قوي يا عزيز
اللهم تقبل شهداءهم في عالي الدرجات واشف جرحاهم وكفر عته به السيئات
اللهم إنا نحمدك ونشكرك على ما أنزلت علينا من الغيث، اللهم تابع علينا خيراتك، اللهم اجعل ما أنزلته صيبا نافعاً. اللهم اجعله عطاء مشفوعاً برضى وغيثا متبوعا بسقيا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، سحا طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ).