إجماع المسلمين على حرمة سفر المرأة من غير محرم لغير حج وعمرة الفريضة
عبدالقادر بن محمد الجنيد
إجماع المسلمين على حرمة سفر المرأة من غير محرم لغير حج وعمرة الفريضة
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.
أما بعد:
فإن سفر المرأة من غير محرم على حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون لأمر تطوعي أو مباح.
ومن أمثلته:
السفر لأجل حج وعمرة التطوع، والسفر لأجل زيارة الأهل والأقارب، والسفر لأجل الوظيفة والتجارة، والدراسة، والتنزه والتبضع.
وهذا السفر يشترط له المحرم بإجماع أهل العلم، وممن نقله:
أولاً: الإمام البغوي رحمه الله.
حيث قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ في كتابه “فتح الباري”(4/90رقم:1862):
قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت، وزاد غيره أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة.اهـ
ثانياً: القاضي عياض المالكي رحمه الله.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في كتابه “إكمال المعلم شرح صحيح مسلم”(4/232):
ولم يختلفوا أنه ليس لها أن تخرج في غير فرض الحج إلا مع ذي محرم.اهـ
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في “شرح صحيح مسلم”(9/112عند حديث رقم:1339):
واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التي ليست واجبة فقال بعضهم: يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات كحجة الإسلام، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح للأحاديث الصحيحة، وقد قال القاضي: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم، والفرق بينهما أن إقامتها في دار الكفر حرام إذا لم تستطع إظهار الدين وتخشى على دينها ونفسها.اهـ
ونسبه إليه أيضاً:
1- ابن العطارـ رحمه الله ـ في كتابه “العدة في شرح العمدة”(2/959).
2- ابن الملقن ـ رحمه الله ـ في كتابه “الإعلام بفوائد عمدة الأحكام”(6/82).
ثالثاً: الفقيه أبو العباس القرطبي رحمه الله.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في كتابه “المفهم لم أشكل من تلخيص مسلم”(5/170):
ألا ترى أنه قد اتفق على أنها يجب عليها أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها، وتُهاجر من دار الكفر كذلك، ولذلك لم يختلف في أنها ليس لها أن تسافر سفرًا غير واجب مع غير ذي محرم أو زوج.اهـ
رابعاً: الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله.
حيث قال ـ رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(2/662عند حديث رقم:1088):
واستدل به على عدم جواز السفر بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج والعمرة.اهـ
خامساً: العلامة عبد الرحمن القاسم رحمه الله.
حيث قال ـ رحمه الله ـ في كتابه “حاشية الروض المربع”(3/524):
وأجمعوا على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، في غير الحج والعمرة، والخروج من بلد الشرك، ويستثنى مواضع الضرورة، بأن يجد أجنبية منقطعة في برية، ونحو ذلك، فيباح له استصحابها، بل يجب عليه ذلك، إذا خاف عليها لو تركها بلا خلاف، لحديث عائشة في قصة الإفك.اهـ
وبنحوه في كتابه “الإحكام شرح أصول الأحكام”(2/335).
ونقل العلامة ابن مفلح ـ رحمه الله ـ في كتابه “الفروع”(3/234-235) اتفاق المذاهب الأربعة على ذلك فقال:
ويشترط للمرأة محرم، نقله الجماعة، وأنه قال: المحرم من السبيل… وكالسفر لحج التطوع (و) والزيارة (و) والتجارة (3).اهـ
الحالة الثانية: أن يكون لحج وعمرة الفريضة.
وهذه الحالة محل خلاف بين أهل العلم، والراجح المنع لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:
(( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم )).
حيث لم يخص سفراً دون سفر.
واختاره:
ابن المنذر والبغوي والنووي والسعدي وابن باز والألباني وابن عثيمين والنجمي والفوزان والعباد.
هذا وقد بسطت الكلام على هذه المسألة في كتابي “الأحكام الخاصة بحج وعمرة المرأة”