إشارات نافعة للمحتفلين بالمولد النبوي
عبدالقادر بن محمد الجنيد
إشارات نافعة للمحتفلين بالمولد النبوي
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد، أيها الفاضل النبيه – جملك الله بالتوحيد والسنة إلى الممات -:
فهذه إشارات نافعة لمن يحتفل بالمولد النبوي، أو يدعو للاحتفال به، أو يعين عليه، أو يهون من خطورته على دين العبد.
وأسأل الله النفع به للكاتب والقارئ، إن ربي سميع مجيب.
الإشارة الأولى:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
قال الله – عز وجل – آمراً لك ولجميع العباد:
}اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ{
والله سبحانه قد أنزل علينا وإلينا القرآن والسنة النبوية، وتارك الاحتفال بالموالد والناهي عنه قد نظر فيهما فلم يجد ذكراً للاحتفال بالموالد، لا أمراً، ولا ترغيباً، فاتَّبَع ما فيهما، ولم يتَّبِع ما قاله أو فعله غيرهما، فلم يكن من أهل هذه الاحتفالات، ولا أعان عليها، ولا إليها دعا.
وقد قال الفقيه تاج الدين الفاكهاني المالكي – رحمه الله – في رسالته “المورد في عمل المولد”(ص:20):
»لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا يُنقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين».اهـ
الإشارة الثانية:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه – رضي الله عنهم -، ولا من بعدهم من سلف الأمة الصالح الذين هم خير الناس، وأعلمهم بنصوص الشرع، وأشدهم عملاً بها، وأكثرهم متابعة لها.
وتارك الاحتفال المانع منه قد تابعهم فلم يحتفل، لأنهم لم يحتفلوا، ولا دعا إليه، ولا أعان عليه، لأنهم لم يفعلوا، فكان بهم ألصق، وإليهم أقرب.
وقد قال علامة بلاد اليمن محمد بن علي الشوكاني – رحمه الله – عن الاحتفال بالمولد النبوي في “فتاويه”(2/ 1087):
»لم أجد إلى الآن دليلاً يدل على ثبوته من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا استدلال، بل أجمع المسلمون أنه لم يوجد في عصر خير القرون، ولا الذين يلونهم، ولا الذين يلونهم».اهـ
وقال الفقيه تاج الدين الفاكهاني المالكي – رحمه الله – في رسالته “المورد في عمل المولد”(ص:22):
»ولا فعله الصحابة، ولا التابعون، ولا العلماء المتدينون فيما علمت».اهـ
وقال العلامة عبد الله بن عقيل الحنبلي – رحمه الله – في “فتاويه”(2/ 289):
الاحتفال بالمولد ليس بمشروع، ولم يفعله السلف الصالح – رضوان الله عليهم – مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه.
ولو كان خيراً لسبقونا إليه، فهم أحق بالخير، وأشد محبة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأبلغ تعظيماً، وهم الذين هاجروا معه، وتركوا أوطانهم، وأهليهم، وجاهدوا معه حتى قتلوا دونه، وفدوه بأنفسهم وأموالهم – رضي الله عنهم وأرضاهم -.اهـ
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ )) .
فهنيئاً لمن اتَّبع وتابع هؤلاء القوم الذين هم خير الناس في ترك الاحتفال بالموالد، ولم يخالفهم فيتَّبِع ويُتابع غيرهم.
الإشارة الثالثة:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
نُقل عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – أنه قال:
(( كُلُّ عِبَادَةٍ لَمْ يَتَعَبَّدْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تعبَّدوها، فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَدَعْ لِلْآخِرِ مَقَالًا))
ولا ريب أن التقرب إلى الله تعالى بالاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد لم يحصل من الصحابة – رضي الله عنهم – بإجماع أهل العلم من جميع المذاهب، ومختلف الأزمان.
والمحتفل بالمولد النبوي مخالف لهم ومتعبد ومتقرب إلى الله بما تركوه ولم يفعلوه.
وتارك الاحتفال مُتابع لهم فيما تركوه، وعلى سبيلهم وهديهم سار واقتفى، فهو أحق بهم، وأقرب إليهم، وأشد متابعة لهم من غيره.
الإشارة الرابعة:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
تارك الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه – رضي الله عنهم -، وباقي سلف الأمة الصالح، وأئمة المذاهب الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وعلماء زمانهم من أهل الفقه والحديث:
في ترك الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد.
وأما المحتفل بالموالد فمتشبه بأعداء الله، وأعداء دينه ورسوله، وأعداء الصحابة من الشيعة الرافضة العُبيدية الباطنية الفاطمية.
فقد نص كثير من العلماء والمؤرخين على أن:
»ملوك الدولة العبيدية الرافضية الباطنية الخارجية هم أول من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد«
وممن ذكر هذا وأشار إليه:
1-مؤرخ مصر تقي الدين المقريزي الشافعي – رحمه الله – في كتابه “المواعظ والاعتبار بذكر الخِطَط والآثار”(1/ 490).
2-أديب عصر المماليك أبو العباس القلقشندي – رحمه الله – في كتابه “صبح الأعشى في صناعة الإنشاء”(3/ 498-499).
3-علي محفوظ الأزهري – رحمه الله – في كتابه “الإبداع في مضار الابتداع”(ص:126).
4-الأستاذ علي فكري – رحمه الله – في كتابه “المحاضرات الفكرية”(ص:84).
بل قال الشيخ محمد بخيت المطيعى الحنفي مفتي الديار المصرية في وقته – رحمه الله – في كتابه “أحسن الكلام”(ص:44-45):
»مما أُحْدِث وكثر السؤال عنه المولد، فنقول:
إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، وأولهم المعز لدين الله، توجه من المغرب إلى مصر في شوال سنة إحدى وستين وثلاث مئة، ودخل القاهرة لسبع خلون من شهر رمضان في تلك السنة، فابتدعوا ستة موالد: المولد النبوي، ومولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومولد السيدة فاطمة الزهراء، ومولد الحسن، ومولد الحسين، ومولد الخليفة الحاضر، وبقيت هذه الموالد على رُسومها إلى أن أبطلها الأفضل بن أمير الجيوش».اهـ
وهؤلاء العبيدية الباطنية الرافضية الفاطمية الذين أحدثوا الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد في بلاد المسلمين.
قد قال عنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين الذهبي الشافعي – رحمه الله – في كتابه “سير أعلام النبلاء”(15/ 141) إنهم:
»قلبوا الإسلام، وأعلنوا الرفض، وأبطنوا مذهب الإسماعيلية».اهـ
وقال عنهم فقيه المالكية القاضي عياض – رحمه الله -في كتابه ” ترتيب المدارك وتقريب المسالك”(7/ 277):
»أجمع علماء القيروان: أن حال بني عُبيد حال المرتدين والزنادقة، بما أظهروه من خلاف الشريعة، فلا يُورَثون بالإجماع، وحال الزنادقة بما أخفوه من التعطيل، فيُقتلون بالزندقة».اهـ
إذن فالمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد مقتد ومتشبه – شاء أم أبى – بالرافضة الباطنية العبيدية الخارجية، فهم أول من أحدثه وفعله، وليس بمقتد ولا متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بأصحابه، ولا بأحد من سلف الأمة الصالح.
أفيرضى مسلم سُنِّيٌّ حريص على دينه وآخرته بعد معرفة هذا أن يكون هؤلاء القوم المنحرفون الضالون هم قدوته وسلفه في الاحتفال بالمولد النبوي؟
وإنك والله لتعجب أشد العجب وأغربه حين تسمع بعض الناس يقول:
“نحن من أتباع الأئمة الأربعة أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد بن حنبل“.
وإذا بك تراه في أمر المولد لا يَتَّبِعهم ولا يُتابعهم فيترك الاحتفال به، مثلما تركوه ولم يفعلوه، بل يُتابع ويقلد أعداءهم من الرافضة العبيدية الخارجية.
الإشارة الخامسة:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
إن الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد أمر مُحدث في دين الله بإجماع أهل العلم من مختلف المذاهب والبلدان والأزمان.
وقد قال علامة بلاد اليمن محمد بن علي الشوكاني – رحمه الله – عن الاحتفال بالمولد النبوي في “فتاويه”(2/ 1088):
»ولم ينكر أحد من المسلمين أنه بدعة».اهـ
وقال أيضاً (2/ 1091(:
قد قررنا لك الإجماع على أنه بدعة من جميع المسلمين.اهـ
وقال الشيخ محمد رشيد رضا المصري – رحمه الله – في “مجلة المنار”(17/ 111):
هذه الموالد بدعة بلا نزاع.اهـ
وأول من أحدثه كما تقدم هم العبيديون الرافضة في القرن الرابع الهجري.
وقد صحت أمور في شأن الأقوال والأفعال المُحْدثة في الدين:
الأول: أنها شر وبدعة وضلالة.
حيث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في موعظته الوداعية زاجراً أمته ومحذراً:
(( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ))
الثاني: أنها مردودة على صاحبها لا يقبلها الله منه.
حيث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ))
ويعني صلى الله عليه وسلم بقوله “أمرِنا”: ديننا، وبقوله “فهو رد” أي: مردود على فاعله غير مقبول منه.
الثالث: أنها في النار.
حيث صح عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال:
(( وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا, أَلَا وَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ, وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ, وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ))
ولا ريب أن ما وصِف في الشرع بأنه شر، وبدعة، وضلالة، وفي النار، ومردود على صاحبه، يدخل في المحرمات الشديدة، والمنكرات الغليظة، والآثام الشنيعة.
ومن عجيب أمر بعضهم وغرابته، أنه يقول عن الاحتفال بالمولد:
“إنه بدعة حسنة“.
مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم بأن كل بدعة أُحْدِثَت في الدين بعده فهي ضلالة.
فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبه:
(( وَشَرّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))
وثبت عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل – رضي الله عنهم – أنهم قالوا:
((كُلّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))
و”كل” من صيغ العموم عند أهل اللغة والأصول وغيرهم.
وعليه فجميع البدع ضلالات، والضلالات لا حَسَن فيها أبداً.
وقال العلامة الشريف صديق حسن القنوجي البخاري الهندي – رحمه الله – في كتابه “دليل الطالب على أرجح المطالب”(ص:646-647):
وإلا يعلم كل عارف أن أهل العلم بالسنة وأصحاب المعرفة بالحديث متفقون على أن البدعة – سواء كانت صغيرة أو كبيرة ومن أين كانت – ضلالة، وكل ضلالة في النار، كما دلت الأدلة الصحيحة من السنة المطهرة على ذلك، وبه قال أهل الحق، ولا اعتداد بقول من قال بخلاف ذلك، من أسراء ربقة التقليد، فإنهم ليسوا من أهل العلم بإجماع من أهله، كما صرح بذلك ابن عبد البر، وصاحب “الإيقاظ” وغيره.اهـ
ولا ريب أن المؤمن المتبع سيأخذ بحكم رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم، وحكم أصحابه – رضي الله عنهم -، في شأن البدع جميعها وأنها ضلالات.
ولن يعدل عن قولهم فيفارقه إلى قول غيرهم .
الإشارة السادسة:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
إن بعضكم – أصلحه الله وسدده – لا يغالط إلا نفسه، ولا يضر إلا بدينه وآخرته، حين تسمعه يقول مسوِّغاً لاحتفاله ومن معه بالمولد:
“إن معنا على هذا الاحتفال أكثر المسلمين اليوم“.
فيقال له:
لا ينفعك هذا الكلام والتبرير عند الله سبحانه، ولا عند عباده المؤمنين، لأنك تعلم يقيناً أن الله – عز وجل – ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يجعلا الكثرة ميزاناً لمعرفة الحق، ولا دليلاً لصحة قول أو فعل، بل الميزان هو: قال الله تعالى، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل وترك، وقال الصحابة – رضي الله عنهم – وفعلوا وتركوا.
بل إن الله تعالى قد كشف لنا في كتابه حال الأكثرية من الناس فقال سبحانه:
}وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله . {
وبيَّن رسوله صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق، وأن أكثر فرقهم على ضلال وانحراف.
فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ))
ويُقال له أيضاً:
إن مع من لا يحتفلون بالمولد النبوي وغيره من الموالد الركن الأقوى، والجانب الأعلى، والدليل الأكبر، معهم الله – جل وعلا – إذ لم يأمرهم به، ولا رغَّبهم فيه، ولا دعاهم إليه، ومعهم الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة – رضي الله عنهم -، وجميع أهل القرون الثلاثة الأولى، والأئمة الأربعة ومن في أزمنتهم من أئمة الإسلام والسنة، حيث لم يحتفلوا، ولا دعوا الناس للاحتفال.
فهنيئاً لمن كان هؤلاء في جانبه، ومعه فيما هو عليه، ولا ريب أنه المحق والمصيب وعلى الصراط السوي.
وقد قال الفقيه الشافعي ظهير الدين جعفر التزمنتي – رحمه الله – عن الاحتفال بالمولد النبوي كما في “السيرة الشامية”(1/ 442(:
»هذا الفعل لم يقع في الصدر الأول من السلف الصالح مع تعظيمهم وحبهم له – أي النبي صلى الله عليه وسلم- إعظاماً ومحبة لا يبلغ جميعنا الواحد منهم».اهـ
بل قال علامة بلاد اليمن محمد بن علي الشوكاني – رحمه الله – في “فتاويه”(2/ 1095):
» والحاصل أن المجوزين وهم شذوذ بالنسبة للمانعين».اهـ
الإشارة السابعة:
قل للمحتفل بالمولد النبوي وغيره من الموالد – سدده الله وأرشده -:
ماذا لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم حال كثير جداً من المحتفلين بمولده اليوم وأبصرهم وهم:
1- يشركون به مع الله تعالى، فيصرفون له عبادة الدعاء، فهذا يدعوه قائلاً: مدد يا رسول الله، وهذا يدعوه فيقول: فرج عنا يا سيدي رسول الله، وهذا يدعوه فيقول: أغثنا يا رسول الله، وهذه تدعوه فتقول: أدركنا يا حبيب الله، وأخرى تدعوه فتقول: أدخلنا في شفاعتك يا نبي الله.
والله جل وعلا – قد نهاه صلى الله عليه وسلم، ونهى الناس جميعاً عن دعاء أي مخلوق معه حتى ولو كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً أو ولياً صالحاً فقال سبحانه:
} وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله فَلَا تَدْعُوا مَعَ الله أَحَدًا {
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ الله نِدًّا دَخَلَ النَّارَ ))
2- يرقصون ويتمايلون ويغنون ويضربون بالدفوف أو الطبول أو غيرها من الآلات الموسيقية في بيوت الله المساجد، وما بنيت المساجد لهذا، ولا يجوز عند أحد من أئمة الإسلام والسنة أن يفعل فيها مثل ذلك.
وآلات المعازف محرمة بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة المتعددة، وإجماع أهل العلم، وقد نقله كثير من الفقهاء من مختلف المذاهب والبلدان والأزمان.
3- يُلقون الأحاديث الباطلة أو الضعيفة في سيرته أو مدحه أو صفاته.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار))
4- يختلطون بالنساء أثناء الاحتفال في الطرقات أو الزوايا أو الخيام الكبيرة أو غيرها من الأماكن.
وهذه متبرجة سافرة متزينة، وهذه بجوار هذا تحادثه، وهذه جسدها بجسد هذا، وهذه ترقص وتتمايل أمام الرجال، وهذه تغني وتنشد لهم.
وفي الختام أقول:
لئن كانت في نفوس المحتفلين بالموالد رغبة ونشاط وتحمس لفعل الطاعات، والمنافسة والمسابقة إلى الحسنات المنجيات، والاجتهاد في العبادات، والإكثار والزيادة في القربات، فلتدع عنها الاحتفال بيوم المولد النبوي وغيره من الموالد، لاسيما بعدما عرفت بدايته، ومن أحدثه، وحكمه، ولا تخاطر بأنفسها في الاحتفال، والدعوة إليه، والمعاونة عليه، ناهيك عن الحكم بإباحته أو مشروعيته، ولتقل لها:
يا نفس كم من العبادات والطاعات التي جاءت في القرآن الكريم، وثبتت في السنة النبوية، وأنت لا تفعلينها، ولا تجتهدين في تحصيلها.
يا نفس هلم إلى فعلها والإكثار منها، والتزود قبل الوفاة، وقبل العرض والجزاء.
يا نفس إن من العيب أن تقصِّري أو تتساهلي أو تضعفي أو تتكاسلي في عبادات من أقوال وأفعال قد ثبتت فيها النصوص الشرعية، وتنوعت وتعددت، وجاء الوعيد على تركها، وعظم الأجر في فعلها، وأنت لا تقومين بها، ولا تتحمسين لها.
ولتعلم أن من كان يحب الله تعالى فقد أرشده سبحانه لطريق وشاهد محبته وامتحنه فقال – عز وجل -:
} قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ {
وقد اتبعناه صلى الله عليه وسلم لتحصل لنا محبة ربنا فلم نحتفل بالمولد، لأنه لم يحتفل به، ونرجو أن ننال بذلك محبة الله ومغفرته، وأن نكون ممن أحبه.
وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد