في الموعظة البليغة التي أشار إليها العرباض ابن سارية في حديثه أستشعر الأصحاب أنها موعظة مودع، فاستوصوا نبيهم صلى الله عليه وسلم وصية جامعة كافية، فكان أن حذرهم في خواتيمها من اتباع المحدثات التي لا أصل لها في الشريعة يدل عليها ، سواء ذلك مسائل الاعتقاد أو الأعمال أو الأقوال، فلا شئ افسد للإسلام، وأشد تقويضاً لبنيانه ، وأكثر تفريقاً لأهله من البدع ، ومن ثم فهي أشد خطراً من المعاصي التي هي دون الكفر ، يقول الشافعي:( لأن ألقى بكل ذنب – ما حلا الشرك – أحب إلي الله من ألقى بشيء من الأهواء) يعني البدع ،فهي تشوه جمال الإسلام ، وتخفي معالمه الأصيلة بما تشتمل عليه من خرافات وأغلاط تصد العقلاء عن الاقتراب منه التعرف عليه، ويكفي البدعة جرماً أنها تقول على الله بغير علم، واستدراك على الشريعة التي كملت قواعدها واستقرت أحكامها، ورغم أن الله لم يكملها ، ولم يتمها حتى أعوزها إلى متخلفي القرون يحدثون فيها ويتمون ما نقص منها ، حاشا وكلا ، يقول ابن تيميه:( البدع تناقض الاعتقادات الواجبة، وتنازع الرسل ما جاءوا به عن الله ، وإنها تورث القلب نفاقاً ، ولو كان نفاقاً خفيفاُ).