البدار البدار إلى الحج
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
( البدار البدار إلى الحج )
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن بالحج {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}
الحمد لله الذي لم يوجب الحج إلا على المستطيعين { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} والصلاة والسلام على رسول اله الذي حج وقال :” لتأخذوا مناسككم “
وأشهد أن لا إله لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبد ورسوله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
إن من أكثر الأعمال أجورًا وثوابًا الحج، قال أبو هريرة رضي الله عنه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج لله فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» أخرجه البخاري
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» متفق عليه
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة ” رواه الترمذي
وهو من أركان الإسلام العظام، قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ” متفق عليه
وهو واجب في العمر مرة واحدة على كل مستطيع ، قال أبو هريرة رضي الله عنه: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج، فحجوا»، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم ” أخرجه مسلم
وهو واجب على الفور، فكل مستطيع يجب عليه المبادرة لفعله ولو أجله مع استطاعته فهو آثم، قال عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- : ” ليمت يهوديا أو نصرانيا -يقولها ثلاث مرات- رجلٌ مات ولم يحج وجد لذلك سعة، وخليت سبيله ” أخرجه البيهقي وصححه الحافظ
وهذا وعيد شديد وزاجر أكيد لكل مفرط لم يحج .
وإن الحج لو لم يكن واجبًا لكان حريًا بالمسلم أن يبادروا إليه لعظيم أجره وكثير ثوابه، فكيف وهو واجب على المستطيع، وتاركه تارك لركن من أركان الإسلام ، ومتوعد بهذا الوعيد من الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -.
وإنه بعد أيام ستفتح أبواب التسجيل في حملات الحج ، فالبدار البدار لكل مستطيع يسمح له النظام أن يسجل في حملة ليفوز بهذه الفضائل العظيمة والأجور الكثيرة، ولا سيما من لم يحج حجة الإسلام وهو مستطيع للحج فمبادرته واجبة، وتأخيره إثم ومعصية .
اللهم وفقنا لفعل الطاعات والفوز برضاك.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سول الله أما بعد:
فإن من كان مدينًا مشغولًا بقضاء دينه فهو معذور في تأخير حجة الإسلام فإن حق الناس مبني على المشاحة وحق الله مبني على المسامحة .
أما من كان مدينًا ولا يريد قضاء دينه ، أو إذا قضاه بقي من المال ما يكفيه لحجه فمثل هذا ليس معذورًا في ترك الحج .
يا حسرتاه على كثير من المسلمين ممن ضيع ماله في كماليات وأسفار ورحلات، وإذا جاء وقت الحج كان مفلسًا أو بخل مع أنه أنفق الآلاف الكثيرة في كماليات من أسفار وغيرها
وإن كثيرًا من النساء لم تحج مع قدرتها واستطاعتها، والواجب عليها المبادرة إلى الحج ، والأفضل أن تستأذن زوجها وإن لم يأذن لها في حجة الإسلام خرجت بلا إذنه ، كما قاله الإمام أحمد وأفتى به علماؤنا لأن تركها للحج مع استطاعتها محرم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ومن أراد الحج فليتعلم أحكامه ليفعل هذه العبادة العظيمة على علم ، ولئلا يقع فيما يفسدها أو ينقص أجرها وقد أكد رسول صلى الله عليه وسلم متابعته في الحج بقوله ” لتأخذوا مناسككم ” وهذا لا يكون إلا بتعلم صفته وأحكامه ، وقد يسّر الله سبل تعلم أحكام الحج بالرجوع إلى العلماء الموثوقين، وكتب الأحياء منهم والميتين .
اللهم وفقنا لحج مبرور ، اللهم وفقنا لحج مبرور ، اللهم وفقنا لحج مبرور
اللهم من لم يحج من المسلمين فوفقه لحج حجة الإسلام
الله اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين .
د. عبد العزيز بن ريس الريس